الوقفات التدبرية

* الفرق بين الآيتين (٥٥) و (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ...

* الفرق بين الآيتين (٥٥) و (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٨٥)) : الآية ٥٥ الآية ٨٥ ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ﴾ بدأت بالفاء للإستئناف وليس هناك عطف. الفاء هنا مهمة لأنها تبني ما بعدها على ما قبلها كأنها تعليلية وجاءت عن أحوال قوم يترتب على هذه الحال أن لا تُعجَب بأموالهم. ﴿وَلاَ تُعْجِبْكَ﴾ بدأت بالواو لأنها معطوفة على ما قبلها فسياق الآيات السابقة يقتضي العطف ﴿وَلاَ تُصَلِّ ﴾ ﴿وَلاَ تَقُمْ﴾ ﴿وَلاَ تُعْجِبْكَ﴾ عطف ونهي عن الإعجاب، لا يحق لك أن تستعظم أمرهم. ﴿أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ﴾ - الآية في سياق الأموال والأولاد والخطاب عن المنافقين تحديداً وبأسلوب شديد ﴿قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ(53)﴾ ﴿وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ(54)﴾ وقال بعدها (وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨)) فجاء بـ ﴿لا﴾ زيادة في التوكيد. - كما فصل في قوله ﴿كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ﴾ فصّل وأكّد لأن الأصل الأموال ثم جاء بالأولاد. ﴿أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ﴾ - الآية في سياق القتال والجهاد (فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ (٨٣)...) ليست في سياق الإنفاق فقال ﴿أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ﴾ . - في القتال كلاهما لم يقل ولا أولادهم لأن الحاجة قائمة للإثنين المال للتجهيزات، والرجال فلم يفصّل بل جمع، والمال مقدّم على الأولاد لأنه أسهل أن يعطى. ﴿لِيُعَذِّبَهُمْ﴾ جاء باللام للزيادة في التوكيد (أريد لأفعل أقوى من أريد أن أفعل) لزيادة العذاب لأنها في مقام الإنفاق والأموال فلمّا كانوا متعلقين بالمال تعلّقاً شديداً قال ﴿لِيُعَذِّبَهُم بِهَا﴾ أي بالأموال فكان التعذيب أشدّ، وفيه أيضاً تفصيل: إنما يريد الله إعطاءهم لأجل كذا. ﴿أَن يُعَذِّبَهُم﴾ لأن الآية موطن إجمال يريد الله عذابهم ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ - المال هو عصب الحياة ومبعث الرفاهية والسعادة فلما كان في سياق الأموال قال ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ . - الكلام هنا على الأحياء يؤخذ منهم مال أو لا يؤخذ منهم مال. ﴿فِي الدُّنْيَا﴾ - في سياق الجهاد والقتال وهو مظنة الموت وفقد الحياة فلم يقل الحياة. - هنا تكلم على أناس أموات ﴿وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ لا يتناسب ذكر الحياة مع الأموات، انعدمت الحياة فأعدم ذكرها.

ﵟ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﵞ سورة التوبة - 55


Icon