الوقفات التدبرية

آية (٦٠) : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً...

آية (٦٠) : ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ * الفرق بين صيغة الاستفهام ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ﴾ وفي سورة الحج (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ (٧٢)) : - ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُم﴾ ﴿أَفَأُنَبِّئُكُم﴾ : ﴿هل﴾ أقوى في الاستفهام من الهمزة وآكد بدليل أنها قد تصحبها ﴿من﴾ الاستغراقية لزيادة التأكيد (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (٣) فاطر) (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) القمر) (فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا (٥٣) الأعراف) أما الهمزة فلا تصحبها ﴿من﴾. في الحج سياق الآيات ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ لم يفعلوا شيئاً وإنما يكادون فقط. في المائدة السياق قبلها في ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ يعني فعلوا، ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ فعلوا، ويستمر في ذمّهم، ووصفهم قبلها بالفسق واتخذوا الصلاة هزواً ولعباً، عبدوا الطواغيت، مسخ منهم القدرة والخنازير. إذن أيُّ الموقفين أقوى؟ في المائدة. - ﴿ذَلِكَ﴾ ﴿ذَلِكُمُ﴾ : إذا كان في مقام التوسع والإطالة في التعبير والتفصيل يأتي بالحرف مناسباً لأن ﴿ذلكم﴾ أكثر من ﴿ذلك﴾ من حيث الحروف. في آية المائدة ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ﴾ المخاطَب جماعة من أهل الكتاب جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، وفي الحج ﴿قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي الأكثر؟ الذين كفروا، فلما كانت المجموعة أكثر جمع فقال ﴿ذَلِكُمُ﴾ ولما كانت أقل أفرد ﴿ذَلِكَ﴾. * الفرق اللغوي بين الأجر والثواب والمثوبة : الأجر هو جزاء العمل لكن يقال في الغالب لما فيه عقد أو شبيه بعقد يجري مجرى العقد (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ (٢٧)القصص) ، فالأجر فيه نفع لأنك تتعاقد مع أحد على شيء ، والأجر في الغالب يكون في الأعمال البدنية في الطاعات . الثواب في اللغة يقال في الخير والشر لكن القرآن لم يستعملها إلا في الخير والثواب وهو جزاء على العمل . المثوبة من الثواب ولكن القرآن استعملها في الخير والشر (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ (١٠٣)البقرة) ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ﴾ ، أثاب يستعملها في الحزن (فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ (١٥٣)آل عمران) . * عبر عن الشر بالمثوبة ولم يقل (بشر من ذلك عقاباً) للاستخفاف بهم وللتهكم من فعلهم لقد استخفّوا بأوامر الله فاستخف الله بعقولهم وبمخاطبتهم فانظر إلى هذا الثواب العظيم الذي وعدهم الله تعالى إياه اللعنة والغضب والمسخ والعياذ بالله .

ﵟ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﵞ سورة المائدة - 60


Icon