الوقفات التدبرية

آية (١٠٦) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ...

آية (١٠٦) : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ﴾ * الفرق بين حضر وجاء في القرآن الكريم : من الناحية اللغوية : الحضور في اللغة يعني الوجود والشهود وليس بالضرورة معناه المجيء إلى الشيء (يقال كنت حاضراً إذ كلّمه فلان بمهنى شاهد وموجود وهو نقيض الغياب) ويقال كنت حاضراً مجلسهم ، وكنت حاضراً في السوق أي كنت موجوداً فيها. أما المجيء فهو الإنتقال من مكان إلى مكان ، وفي القرآن يقول تعالى ﴿فإذا جاء وعد ربي جعله دكّاء﴾ سورة الكهف بمعنى لم يكن موجوداً وإنما جاء الأمر. من الناحية البيانية : القرآن الكريم له خصوصيات في التعبير وفي كلمة حضر وجاء لكل منها خصوصية أيضاً ، فحضور الموت يُستعمل في القرآن الكريم في الأحكام والوصايا كما في آية المائدة وكأن الموت هو من جملة الشهود حاضر مع من هو جالس شديد القرب ، وهذا الحضور ليس فيه موت كامل لأن الموصي لم تُقبض روحه بعد لكن الموت جالس عنده وشاهد على الوصية فكأنه إقترب منه الموت لكن لم ينفذ. فالقرآن هنا لا يتحدث عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت. أما مجيء الموت في القرآن فيستعمل في الكلام عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت كما في آية المؤمنون (حَتَّى إِذَاجَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩)) يريد هذا الذي جاءه الموت أن يرجع ليعمل صالحاً في الدنيا فالكلام إذن يتعلق بالموت نفسه وأحوال الشخص الذي يموت ، كما يستعمل فعل جاء مع الأجل ﴿فإذا جاء أجلهم﴾ ومع سكرة الموت ﴿وجاءت سكرة الموت﴾ . * المفعول به ﴿أَحَدَكُمُ﴾ مقدم للإهتمام به ولإبعاد شبح الموت الحقيقي بتأخير الفاعل ﴿الْمَوْتُ﴾. * الثمن هو المقابل أو العِوَض، ووردت الكلمة في أحد عشر موضعاً في القرآن الكريم كله، مرة وصف بأنه بخس والأماكن الأخرى وصف بأنه قليل عدا موضع واحد فقط لم يوصف وهو الآية (١٠٦) لأنها تتعلق بشهادة على وصية فالأمر يتعلق بمصالح الناس الذين لهم وصية حتى لا يجد أحد هذين الشاهدين أي مجال للتنصّل أو التلاعب فيشمل الحقير والعظيم والمادي والمعنوي والنفيس والتافه يعني حتى يقطع عليهم الطريق لأي تأويل.

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ﵞ سورة المائدة - 106


Icon