الوقفات التدبرية

آية (١١٨) : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ...

آية (١١٨) : ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ *لمَ قدّم العذاب؟ لأن العذاب هو الأصل، فالأصل في المشرك بالله سبحانه وتعالى أن يعذب، واحتمال المغفرة إستثناء، فقدّم ما هو أصل ثم ثنّى بما هو إستثناء على الأصل وربطه بالعزة والحكمة وليس بالغفران. * استعمل القرآن الكريم كلمة عبادك حتى يشير إلى أنهم عبدة الله عز وجل، هم عبدوا الله تعالى لكن أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا، فإن وقع العذاب منك عليهم فهو عذاب على عبادك والسيّد حُرٌ فيما يفعله بعبيده أو عباده. وما استعمل كلمة عبيد (بمعنى مجرد المملوكين) وإنما عباد. من هنا نستشف نوعاً من التوسّط لكن توسط على خجل يعني شفاعة فيها نوع من التردد فكأنما يطمع لهم بالمغفرة لكن لا يستطيع أن يصرّح، ليس كشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي يشفع لأمته. * لو ذكر المغفرة لكان نوعاً من ترشيح الغفران لهم، وهو لا يستطيع ذلك لأن جرمهم عظيم وهو الإشراك بالله تعالى. * ﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ﴾ أنت: ضمير فصل فيه معنى التأكيد والحصر أي أنت وليس سواك، أنت دون غيرك. * دلالة ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ وليس الغفور الرحيم لأنه موطن شرك لم ترد الغفور الرحيم في مواطن الشِرك، فلما قال عيسى عليه السلام ﴿وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ﴾ هناك مجال للمغفرة، لكن من الذي يغفر لهؤلاء؟ يغفر لهم من يملك العزة والحكمة، لأن الجرم عظيم لكن عزّتك لا يُنقِصها هذا الجُرم. وأنت حكيم لك الحكمة فيما تفعله بهؤلاء.

ﵟ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﵞ سورة المائدة - 118


Icon