الوقفات التدبرية

آية (٧) : (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي...

آية (٧) : ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ * مناسبتها لما قبلها: - بعد أن ذكر ربنا سبحانه وتعالى قدرته وعلمه بالبشر وعموم الأحياء في الآية السابقة وذكر قبلها أنه (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤))، ذكر الآن قدرته بعموم الخلق فقال ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ هو الذي خلق يعني هو حصراً لا غيره. - ارتبط خلق السموات والأرض بقوله في أول السورة ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾، وارتبط بقوله ﴿حَكِيمٍ﴾ لأن خلق السموات هذا النظام المحكم الدقيق لا بد أن يكون صاحبه حكيماً، هذا النظام ألا يدل على حكمة؟ وقوله ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ معناه أن هذا جعله لحكمة. - وإذا كان هو الذي خلق السموات والأرض حصراً فلِمَ يعبد سكانهما غيره؟ قال (أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ (٢)) . - ﴿وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ﴾ هذا مرتبط (إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤)) . * ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾ هذا يدل على أنه الملك والمالك والحاكم: - المالك هو الذي خلق السموات والأرض إذن هو مالك. - صاحب العرش ملك، إذن هو مالك وملِك. - إذا صار ملكاً فهو حاكم. وهذا يدل على أن ملكه وحكمه قديمان، عرشه على الماء قبل أن يخلق السموات والأرض، فهو رب العرش العظيم. * ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ الإبتلاء هو الاختبار والامتحان والفعل يبلو متعلق بـ ﴿خَلَق﴾ يعني خلق هذه الأشياء من أجل امتحانكم ومن أجل ابتلائكم، وليس بما وراء خلق ﴿في ستة أيام﴾ وإن كانت كل هذه المعاني داخلة ضمن الامتحان والاختبار هي جزء منه، لما يسأل الإنسان لماذا ستة أيام؟ ما المراد بالعرش؟ ما المراد بالماء؟ كيف كان عرشه على الماء؟ هذا كله يندرج بالغيب الذي يؤمن به المؤمنون لأن كل ما غاب عنا إدراكه الخوض فيه هو كدٌ للذهن لا يوصل إلى نتيجة، والإيمان بهذا النص القرآني هو جزء من الإيمان بالله سبحانه وتعالى. * دلالة إختلاف تشكيل كلمة ليقولن في الآيتين (٧) و (٨) : في الآية (٧) الفعل يُبنى على الفتح لأن نون التوكيد باشرته لأنه مُسند إلى اسم ظاهر ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ وإذا كان الفاعل مذكوراً ظاهراً فنأتي بالفعل في حالة الإفراد، نقول حضر الرجال يحضر الرجال ولا نقول يحضرون الرجال. في الآية (٨) الفعل مُسند إلى واو الجماعة وإذا أخفي الفاعل مع الجمع نقول ليحضرُنّ، لا نقول ليحضرَن الرجال، فهذا جمع مرفوع بالنون المحذوفة والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين، وأصل الفعل إذا حذفنا نون التوكيد ﴿يقولون﴾ مرفوع بثبات النون وعندما جاءت نون التوكيد الثقيلة يصبح عندنا ٣ نونات ويصبح هذا كثيراً فيحذفون نون الرفع وتبقى نون التوكيد واللام لام الفعل. * ﴿إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ أين السحر؟ هم لا يؤمنون بأن هنالك بعث، وينكرون الساعة وقد قالوا أنه يسحرهم بهذا الكلام وكلامه باطل بطلان السحر الذي لا حقيقة له فكلامه باطل وإنما هو من باب التزيين.

ﵟ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﵞ سورة هود - 7


Icon