الوقفات التدبرية

آية (١٠) : (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ...

آية (١٠) : ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ * الفرق بين النعمة والنعماء: النعمة عامة قد لا تظهر، الإنسان فيه نعم كثيرة البصر والعافية والسمع والكلام نعم كثيرة لا تحصوها لكن النعماء هي ما يظهر أثرها على صاحبها، أثر ما أنعم الله عليه من غنى أو ما إلى ذلك. * الفرق بين المضرة والضراء: المضرة قد تكون عامة لكن الضراء مضرة يظهر أثرها على صاحبها إما في البدن أو شيء يظهر عليه. * من الملاحظ أنه أسند مظاهر الخير والرحمة إلى نفسه (أَذَقْنَا، وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ) ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء﴾ رحمة، ولكن قال (أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ) وليس نأتيهم، ﴿بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ﴾. * ﴿ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ ذهب فعل نحسبه للمذكر والسيئات مؤنث لكنه لم يقل ذهبت السيئات: لغة يجوز، فهو مؤنث مجازي، لكن في جميع القرآن إذا جعل السيئات فاعلًا فالفعل يأتي معها مذكراً ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ﴾ هذا عام، لكن القرآن يذكر ويؤنث لمراعاة المعنى، إذا قصد به معنى المذكر ذكّر وإذا قصد به معنى المؤنث أنّث، سيصيبهم جزاء السيئات إشارة إلى العذاب، ﴿ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ يعني ذهب البؤس وسوء العيش، فذكّر. * ﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ : الفرِح هو الأشر البطر الذي يعني يبطر بنعمة الله سبحانه وتعالى ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾ ولذلك ربنا سبحانه وتعالى إذا ذكر الفرح مطلقاً ذمّه إلا عندما يقيّده بما فيه خير ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ هذا مطلق، لكن يمدحه إذا كان مقيداً بما فيه خير ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ ، الفرح عام في اللغة لكن القرآن يستعملها إستعمالًا خاصًا. الفخور هو الذي يفخر على الناس بما عنده كما صنع قارون ، فيها معنى الكِبر ولذلك لم تأت في القرآن إلا في مقام الذمّ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ .

ﵟ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﵞ سورة هود - 10


Icon