الوقفات التدبرية

آية (٢٦) : (أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ...

آية (٢٦) : ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ * ﴿أن﴾ هنا مصدرية أو مفسرة وفيها احتمالان إما متعلقة بالإرسال يعني أرسلناه بـ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾، هذا ليس قولاً، بما أرسله ربنا؟ أرسله بهذا، وإما متعلقة بنذير ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ أنذركم بألا تعبدوا إلا الله. والإثنان مقصودان الرسالة والإنذار فالرسالة هي عبادة الله وعدم عبادة غيره ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾ والإنذار هو ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾،. * إذا قال ﴿إني﴾ هذا قول وإذا قال ﴿أني﴾ قطعاً ليس قولاً وإنما أرسلناه بهذا، وهذه الآية فيها قراءتان متواتران، الأولى ﴿إني﴾ والقراءة المتواترة ﴿أني﴾. المعنى مختلف، (أرسلنا أني) يعني أُرسِل بذلك، ﴿إني﴾ هذا قول نوح هو بلّغهم، القراءتان تدلان على أنه أُرسل بذلك وبلّغهم ما أرسل به، هذا توسع. * وصف اليوم بأنه أليم وليس العذاب هذا تعبير مجازي، اليوم لا يكون أليماً وإنما ما يقع فيه من العذاب، هذا موجود عند العرب مثل نهارك صائم أو ليلك قائم ويسمى هذا مجاز عقلي، هذا يدلنا على اتساع الألم وشدته بحيث الوقوع في ذلك اليوم على سبيل الاستغراق، استغراق اليوم، شمول. لو كانت كما قلت (أخاف عليكم عذاباً أليماً) يحتمل أن يكون في وقت من أوقات اليوم لكن عذاب يوم أليم صار اليوم كله عذاب، صار أشمل، وليس فقط في الوقت بل فيمن يقع عليه العذاب فلو لم يذكر اليوم قد يكون مقيداً بأشخاص (قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) هذا محدد بشخص وهو يوسف. لكن هذا يوم أليم وشامل للمجموع، اليوم أعم، ولذلك في القرآن لم يصف اليوم بأنه أليم أو عظيم أو محيط إلا في سياق العذاب ﴿عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ (عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (٨٤)) ولم ترد في الدخول إلى الجنة، لأن هذا اليوم يوم القيامة عظيم شامل محيط لجميع الخلق هذا أشمل، لكن الجنة ليست لعموم الخلق وإنما مخصصة.

ﵟ أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۖ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﵞ سورة هود - 26


Icon