الوقفات التدبرية

آية (٤٨) : (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ...

آية (٤٨) : ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ * في هذه الآية مناسبة لطيفة لما قبلها، قبلها قال ﴿وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾ ثم قال ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ﴾ كأنما هي بشارة منه سبحانه وتعالى يطمئنه بأنه لم يغضب عليه ويبشّره بالمغفرة والرحمة. * قال تعالى هنا ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ﴾ وقبلها ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ مع أن القائل هو الله سبحانه وتعالى: - الأولى ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ هذا حكم شرعي، والتشريع لله حصرًا وهو الذي يقول ولا يجوز أن يكون ذلك لغيره، بينما هنا أمر بالهبوط من السفينة وهذا يصح من أي واحد ﴿اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ﴾ . - الأولى هناك حوار بين سيدنا نوح وبين ربنا سبحانه وتعالى قال قبلها ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي﴾ هو يخاطب ربه ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي﴾ فربنا يجيبه ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ ولا يقول ﴿قيل﴾، ثم قال ﴿فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ لا يستقيم أن يقول (قيل – ولا تسألنِ) قيل مبني للمجهول ولا تسألنِ وإني أعظك للمعلوم كلها يناسب ﴿قال﴾ ولا يناسب البناء للمجهول، هنا قال ﴿قِيلَ يَا نُوحُ﴾ ثم نسبها لنفسه سبحانه ﴿بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ﴾ . * قدّم السلام على البركات لأن السلام أهم، السلام مقابل الهبوط، الهبوط بدون سلام قد يغرق، النجاة هي الأهم، ثم البركات الخيرات تأتي فيما بعد، بعد الهبوط والاستقرار، ثم إن السلام عليه والبركات عليه وعلى أمم. * في آية سابقة وهو يأمرهم بالركوب قال ﴿ارْكَبُواْ فِيهَا﴾ بصيغة الجمع وفي الهبوط قال ﴿يَا نُوحُ اهْبِطْ﴾ بصيغة المفرد: - في الأولى القائل ﴿ارْكَبُواْ﴾ هو نوح عليه السلام، في الثانية القائل هو الله سبحانه وتعالى لا يخاطب الجميع وإنما يخاطب رسوله فقط، ولا يصح أن يقال يا نوح اهبطوا كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (١) الطلاق) أفرد ثم جمع، لا يصح لأنه قال ﴿وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ﴾ لو جمع لقال وبركات عليكم وعلى أمم ممن معكم، إذن هنالك معهم أمم أخرى غير هؤلاء ليسوا بمؤمنين، وهذا لا يصح.

ﵟ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﵞ سورة هود - 48


Icon