الوقفات التدبرية

آية (٧٣) : (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ...

آية (٧٣) : ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ * ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ أسلوب استفهام من باب الإنكار اللطيف أنكروا عليها عجبها لكن بلطف ودعاء والمؤمن قد يعجب من أمر الله إذا رأى أمراً يستعظمه مع أنه يعلم أن الله لا حدود لقدرته. * الفرق بين الرحمة والبركة : الرحمة تشمل كل خير في الدنيا والآخرة، أما البركة هي الخيرات المتكاثرة، فالبركة تعني الخير الكثير، الزيادة. فالرحمة عامة تشمل البركة وغيرها. * بدأ بالرحمة بما هو أعمّ ليشمل الكافر والمؤمن الرحمة تشمل كل الجميع أما البركة خاصة ولا تشمل الجميع. * لم يؤكد الرحمة والبركة ما قال إن رحمة الله وبركاته عليكم مثل (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٥٦) الأعراف) : - أولًا مجموع ما حيّت به الملائكة هي التحية التامة التي لا أحسن منها ولا أفضل منها ولهذا قالوا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والملائكة قالت هكذا؛ ﴿سلامًا﴾ ﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ﴾ فتكون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه التحية هذه مجموعها فإذاً هم حيوه بتحية ليست هنالك أفضل منها فلا تحتاج إلى تأكيد. - هنالك أمر آخر هل هذا دعاء أو إخبار؟ ﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ يحتمل الاثنين لو قال ﴿إن﴾ صار إخبارًا فقطعاً لن يكون دعاء أبدًا، وربنا أرادهما الدعاء والإخبار. * قال ﴿حَمِيدٌ﴾ ولم يقل محمود : - حميد صيغة مفعول على وزن فعيل مثل قتيل وجريح وكسير، ولا تقال إلا لمن وقع عليه الفعل أصلًا فلا يقال قتيل إلا لمن قُتِل ولا جريح إلا لمن جُرِح، بينما محمود على صيغة مفعول مثل مقتول ومجروح ومكسور وتقال لمن حصل الفعل عليه وقع ولمن يحتمل أنه سيقع عليه الفعل، يعني لما تقول هو مقتول قد يكون قُتل وقد يكون أنه سيقتل (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (١٠٢) الإسراء) وكقول عبد الله بن الزبير (اعلمي يا أماه أنني مقتول من يومي هذا) . - فعيل يقال لما هو أعظم في الوصف وأوسع وأعم وأثبت يعني مثلًا الذي جُرِح في أصبعه يسمى مجروحًا ولا يسمى جريحًا لأنه جرح بسيط، أما الجريح لا، عام وأعم وأوسع في الجرح. فالحميد هو الذي يستحق الحمد على جهة الثبوت والدوام. * الفرق بين ﴿حَمِيدٌ﴾ و ﴿مَجِيدٌ﴾ والعلاقة بينهما: الحميد هو الذي يستحق الحمد على جهة الثبوت والدوام، وهذا لله سبحانه وتعالى. المجيد صاحب العظمة الكثير الخير والإحسان من المجد أي الرفعة والعظمة. هو عظيم ومحمود في آن واحد، محمود على وجه الدوام على ما سيوليك وما أولاك من النعم، المجيد العظيم بمنّه وكرمه وفضله الكثير الخير والإحسان والبركة والعظمة والرفعة. * ارتباط خاتمة الآية مع مفتتحها: الحميد على وجه العموم لكن الآن لو أنعم عليك ربك بشيء ألا تحمده على ذلك؟ أحمده، هو الآن أعطاكم النبوة وسيعطيكم الولد ألا يُحمد على ذلك؟ يُحمَد، الحميد. أليس ذلك من خيره وإحسانه؟ إذن المجيد

ﵟ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﵞ سورة هود - 73


Icon