الوقفات التدبرية

آية (١٤) : (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ...

آية (١٤) : ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ * هنا قال ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ أما في سورة فاطر (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ (١٢)) : -- دلالة التقديم والتأخير واستخدام الواو وعدمه؟ في سورة النحل السياق في الكلام على وسائل النقل حيث تقدم هذه الآية ذكر وسائل النقل البرية الأنعام والخيل والبغال والحمير ، ثم ذكر الفلك وهي وسيلة نقل بحرية فقدّم صفتها ﴿مَوَاخِرَ﴾ وألحق الصفة بالموصوف وأخّر ما يتعلق بالبحر ﴿فِيهِ﴾ لأن الكلام ليس على البحر. في سورة فاطر الكلام كله على البحر وليس على وسائل النقل (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ (١٢)) فقدّم ضمير البحر ﴿فِيهِ﴾. -- دلالة استخدام الواو وعدمه ﴿لتبتغوا﴾ و﴿ولتبتغوا﴾: في النحل قال (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ ... وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً ... وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ .. ) سخر البحر لتأكلوا وتستخرجوا ولتبتغوا ، هذه عطف عِلّة على عِلّة ﴿لتأكلوا﴾ لام التعليل، وتستخرجوا ﴿وَلِتَبْتَغُواْ﴾ معطوفة على ما قبلها. وهنالك رأي آخر أن الواو ﴿وَلِتَبْتَغُواْ﴾ عطف على عِلّة محذوفة مقدرة ومن الناحية البيانية سياق آيات النحل في الكلام على نِعَم الله وتعدادها قال ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ يعني وهنالك نعم أخرى ومنافع أخرى ما ذكرناها وما عددناها يطول ذكرها. آية فاطر ليس فيها عطف ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ هنا لام التعليل ﴿لِتَبْتَغُوا﴾ لكنها ليست معطوفة فليس قبلها تعليل فكيف نعطفها؟ إذن وكأن دلالة السياق تتوقف عند ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ﴾ . * قال ﴿وَتَسْتَخْرِجُواْ﴾ من دون لام التعليل ﴿وَلِتَبْتَغُواْ﴾ مع لام التعليل: عندنا قاعدة "الذكر آكد من الحذف"، تستخرجوا حلية تلبسونها ولتبتغوا أيها الأكثر والآكد؟ إستخراج الحلي من البحر ﴿وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً﴾ أو السفر لغرض التجارة ﴿وَلِتَبْتَغُواْ﴾ ؟ السفر في البحر أكثر ويكون لأغراض أخرى غير استخراج الحلى وهذا مقصور على أناس متخصصين يمتهنون هذه المهنة وليس عموم المسافرين في البحر إذن ﴿وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ آكد.

ﵟ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﵞ سورة النحل - 14


Icon