الوقفات التدبرية

آية (١٣٤) : (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ...

آية (١٣٤) : ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ * المُلاحظ الغريب في الفصل والوصل كأن هناك غرض بياني؛ ففي آية سورة الأنعام ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ﴾ فصل وفي الذاريات وصل ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ وفي المرسلات وصل ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ ونجد أنه تعالى لم يذكر في سورة الأنعام شيء يتعلّق بالآخرة أو متصلاً بها وإنما تكلم بعد الآية موضع السؤال عن الدنيا (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦)) ففصل ما يوعدون عن واقع الآخرة. بينما في سورة الذاريات وصل الأمر بأحداث الآخرة (وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (٦)) والكلام في السورة جاء عن أحداث الآخرة فوصل ﴿ما توعدون﴾ بأحداث الآخرة فكأنما الفصل لفصل بين ما يوعدون وأحداث الآخرة وكذلك في سورة المرسلات دخل في أحداث الآخرة. فلمّا فصل الأحداث الآخرة عن ما يوعدون فصل ﴿إن ما﴾ ولمّا وصل الأحداث مع ما يوعدون وصل ﴿إنما﴾ فكأنها ظاهرة غريبة وكأن الكاتب الذي كتب المصحف لحظ هذا وما في الفصل والوصل هذا والله أعلم.

ﵟ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ ۖ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﵞ سورة الأنعام - 134


Icon