الوقفات التدبرية

آية (٤٤) : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ...

آية (٤٤) : ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ * الفرق بين الآية (٤٤) والآيات (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)) (...وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)) : أولاً: الفرق بين أنزل ونزّل: - قسم يفرق بينهما أنه نزّل تفيد التدرج والتكرار وأنزل عامة ويستدلون بقوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (٣) آل عمران) لأن القرآن نزل منجماً مفرقاً أما التوراة والانجيل جملة واحدة. -- رأي آخر أن نزّل آكد وأقوى من أنزل، وتأتي في مواطن الاهتمام بالسياق نظير وصى وأوصى، مثل قوله تعالى (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (٧١)الأعراف) في السياق محاورة شديدة وتهديد، أما في قوله (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٤٠)يوسف) لم يردّ عليه السجينان وليس فيها تهديد. ثانياً: الفرق بين إليك وعليك: - ﴿على﴾ أقوى من ﴿إلى﴾ وفيها معنى الاستعلاء ولذلك تأتي في الغالب في العقوبات (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) الذاريات) ، أما ﴿إلى﴾ فليست كذلك وإنما تفيد منتهى الغاية فقط. وهناك فرق بين إليه وعليه، قال (وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ (٨) الأنعام) فيها تهديد، (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) الفرقان) ليس فيها تهديد. إذن نزّل أقوى من أنزل وعلى أقوى من إلى. الآن ننظر إلى الاختلاف بين الآيات: - في الآيتين (٤٤) و (٦٤) الفعل واحد ﴿أنزلنا﴾ ولكن اختلف حرف الجر. ننظر أي الموطنين أقوى؟ في الآية (٦٤) عندنا ﴿ما﴾ و﴿إلا﴾ هذه أقوى، وفيها هدى ورحمة إذن (ما وإلا وهدى ورحمة) أيهما أولى بـ ﴿عليك﴾ من حيث منطوق اللغة؟ الآية (٦٤) . -- في الآية (٦٤) قال ﴿اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ وفي الآية (٨٩) قال ﴿تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ ، التبيان في (٦٤) في الذي اختلفوا فيه وفي (٨٩) التبيان لكل شيء إذن يستعمل معها نزّلنا عليك. --- في الآية (٦٤) قال ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ و في الآية (٨٩) قال ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ فجاءت نزّلنا مع الآية الثالثة.

ﵟ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﵞ سورة النحل - 44


Icon