الوقفات التدبرية

آية (١٦٥) : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ...

آية (١٦٥) : ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ * دلالة ذكر وحذف ﴿في﴾ في الآيتين ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ﴾ و ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ﴾ : من حيث اللغة: ﴿خَلاَئِفَ الأَرْضِ﴾ مع حذف ﴿في﴾ هي أوسع وأشمل أما خلائف في الأرض فهي ظرفية ومحددة. لما نقول هو ملك مصر أو ملك في مصر أيها أوسع؟ ملك مصر أوسع. من حيث السياق: في سورة فاطر هو في الكافرين ابتداءً وانتهاءًا (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً (٣٩)). في سورة يونس كذلك السياق فيمن أهلكهم الله تعالى من الكافرين (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)). في سورة الأنعام فالسياق في مخاطبة المؤمنين إلى النهاية فكانوا أعمّ وأِشمل، فالمؤمنون خلائفهم أطول وأكثر من الكافرين فجاء بالمعنى الأعمّ والأشمل في سورة الأنعام بحذف ﴿في﴾. خلائف الأرض قالوا هذه في الأمة المسلمة التي سترث الأرض ولن يأتي أمة من بعدها تحمل رسالة ترث الأرض، خلائف في الأرض للأفراد كل واحد هو خليفة في الأرض يفعل ما يشاء وقسم قالوا لأهل مكة. * في سورة الأعراف قال تعالى (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (١٦٧)) أكد سرعة العقاب ب(إن واللام) و هنا قال ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ﴾ بـ﴿إنّ﴾ وبدون اللام: في الأعراف الآية ذكرت في سياق العقوبات العاجلة في الدنيا (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (١٦٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧)) لأنه عجل بعذابهم. في الأنعام لم يعاقبهم في الدنيا قال قبلها ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ﴾ لم يقل يعاقبهم. * تناسب فاتحة سورة الأنعام مع خاتمتها: بدأت بقوله تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ يعدلون أي يميلون إلى غيره يجعلون له عِدْل فيتركونه ويعبدون غيره، وقال في الخاتمة ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ (164)﴾ هل أعدِل بغير الله؟ هؤلاء عدلوا به فهل أعدل به وهو رب كل شيء؟ كأنه رد على الكفار وحتى لو جاءت هذه الآية بعد الأولى تكون متناسبة ويكون فيها تناسب. ðððððð سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

ﵟ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﵞ سورة الأنعام - 165


Icon