الوقفات التدبرية

آية (١٢٨) : (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم...

آية (١٢٨) : ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ * دلالة استخدام الصيغة الإسمية مرة والفعلية مرة : جاء قبلها ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ﴾ بمعنى من عاقب بمثل ما عوقب به فقد اتقى، وقوله ﴿وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾ هذه أفضل والصبر من الإحسان. والتقوى هي أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك. فالذين هم محسنون هم حالة أعلى من الذين اتقوا فجاء بالجملة الإسمية الدالة على الثبوت في صفة المحسنين. * لم يقل (مع الذين اتقوا ومع الذين هم محسنون) لأن هذا يدلّ على أنهما صفتان مختلفتان. * لم يقل (مع الذين اتقوا الذين هم محسنون) فهذا يدل على أنهما صنف واحد. * تناسب فواتح النحل مع خواتيمها *  قال تعالى فى أولها ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ حثٌّ على الصبر وفي آخرها طلبه صراحة قال ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)) .  قال (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١)) (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)) الله أعلم بالذين أشركوا.  قال في الأول (أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)) كيف ينذر؟ ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ علّمه كيف ينذر وكأن الإنذار هو الحكمة والموعظة الحسنة، بيّن كيفية الإنذار بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.  نهاية الآية الثانية (أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)) أمرهم بالتقوى وفي الآخر قال (اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)) كأن الله تعالى أمرهم بالتقوى في أوائل السورة ليكون معهم في النهاية.

ﵟ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﵞ سورة النحل - 128


Icon