الوقفات التدبرية

آية (٣١) : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ...

آية (٣١) : ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ * المكر في اللغة معناه التدبير، أن يدبر الشيء يرتبه، فهذا الكلام الذي قالته النسوة كان تدبيرًا منهن للإساءة إليها فهو مكر إذن، ولو قال (لما سمعت بكلامهن) لا يعطي هذه الصورة من صور الحقد واللؤم والتخطيط للإساءة إليها والنيل منها. لكن لما قال ﴿بِمَكْرِهِنَّ﴾ هي أيضاً دبرت تدبيرًا آخر: مكر يقابل مكرًا. * قال ﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ وليس مجلسًا كلمة مجلس مجرد مكان للجلوس، بينما المتكأ فيه نوع من الاستراحة والتراخي فهو ليس مجرد مجلس وإنما مجلس فيه استرخاء وراحة حتى تكون كل واحدة مرتاحة في جلستها. * قال ﴿وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ ولم يقل أعطت، آتت أصلها اتي وأعطت أصلها عطو (عطى يعطو) فالاعطاء والعطاء أقوى من الإيتاء من حيث اللفظ الصوتي ومن حيث الدلالة إذا أراد أن يستعمل شيئاً قوياً فيه نوع من التمليك يقول عطاء، الإيتاء فيه نوع من الرِقّة والهدوء، لو قال أعطت أولاً الصوت يختلف، ثانياً العطاء يكون فيه عدم الاسترداد، ثم مع مناسبة الإيتاء أيضاً للمتكأ ولأعتدت هذا (حرف التاء والياء والهمزة التي هي أخف) ولعلها مناسبة لمجلس النسوة. * ﴿ما﴾ اقوى من ﴿لم﴾ في النفي و﴿إن﴾ أقوى من ﴿ما﴾ ﴿مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ تريد أن تثبت أنه ملك.

ﵟ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﵞ سورة يوسف - 31


Icon