الوقفات التدبرية

آية (٩٦) : (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ...

آية (٩٦) : ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ * ﴿فَلَمَّا أَنْ﴾ ﴿أن﴾ بعد لما عند النُحاة زائدة أي لا تؤثر على المعنى العام إذا حُذفت والزيادة للتوكيد في الغالب، فصل بين لمّا والبشير إشارة إلى طول المدة فيعقوب عليه السلام في حالة ترقّب وانتظار ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾ وكان يستطيل الوقت فناسب ذكر ﴿أن﴾ . * ﴿يَأْتِ بَصِيرًا﴾ ﴿جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ دلالة تغير الفعل مع أنها تدور في فلك دلالي واحد بمعنى الحضور أو الإتيان: - ﴿يَأْتِ بَصِيرًا﴾ فيه معنى المجيء الذي لم يشأ أن يجعل فيه قوة أو جهدًا أو تعبًا كأنه يريد منهم ألا يتعبوه أي يأتي إليه بصيرًا، لو قال يرتد بصيرًا أي في مكانه أين معنى المجيء؟ هو يريد معنى الإتيان إليه قال ألقوه على وجه أبي يأتي إلي وهو مبصر وأتوني ببقية أهلكم ﴿وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ﴾ بلا جهد أو تعب، ما قال جيئوني بأهلكم لأنه لا يريد أن يثقل عليهم. - المجيء فيه ثقل فقال ﴿جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ لأنه جاء مسرعًا بالبشرى إلى يعقوب. - ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ ارتد فيه رجوع بمعنى رجع إلى حاله الأول ويقصد يعقوب وليس البصر، كان يعقوب عليه السلام أعمى فرجع مبصراً ولا تستقيم غير كلمة ارتد هنا. فلو قال صار بصيراً كأنه لم يكن بصيرًا من خِلقته ثم صار بصيرًا.

ﵟ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﵞ سورة يوسف - 96


Icon