الوقفات التدبرية

آية (١٠٠) : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ...

آية (١٠٠) : ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَ‍قًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ * قال ﴿ أَبَوَيْهِ﴾ وليس والديه: - أولاً الأم لم تذكر في قصة يوسف أصلًا. - وفي القرآن إذا ذكر الوصية أو البر بهما أو الدعاء لهما يقول الوالدين وليس الأبوين ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ الأبوين قد تأتي في الميراث في الأموال يستعمل الأبوين ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾. - لا شك أن الأبوين هو تغليب لفظ الأب والوالدين تغليب لفظ الوالد مع أنه لم يلد، الولادة للأم بالفعل وللأب للنسب، فلما يقول الوالدين تذكير بالولادة فيها إلماح إلى إحسان الصحبة إلى الأم والبر والإهتمام أكثر من الأب لأن الولادة منها. - في هذه الآية ليس فيها مقام ذكر البر قال ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ﴾ إلماح إلى الإحسان إلى الأم أكثر. لماذا؟ نكمل الآية ﴿وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا﴾ المفروض أن يعظِّم الإبن أبويه لا العكس والآن الأبوين هما اللذان عظّما وخرا سجدا إذن لم يذكر الأم إجلالًا لمقام الأم واحترامها هي أكرم من الأب لأنه ليس المفروض هي أن تسجد وتعظِّم ابنها فذكر الأبوين. - الأمر الآخر إلماح أن العرش إنما هو للرجال وليس للنساء. * الفرق بين الاجتهاد والتأويل والتفسير: الاجتهاد هو بذل الجهد والوسع في الوصول إلى الحكم الصحيح عن طريق القياس بردّه إلى الكتاب والسُنّة في أمر مشابه للمسألة ولا يرده إلى رأيه مباشرة، فمثلاً يقيس حكم المخدرات على حكم الخمر. التأويل هو نقل ظاهر اللفظ إلى دلالة أخرى لسبب من الأسباب. سورة النصر مثلاً تأويلها عند ابن عباس أنها نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمر غير مصرّح به في الآية وإنما ينقله إلى معنى آخر لسبب من الأسباب فلا بد أن تكون لها قرينة تفهم منها ولا يمكن لأي كان أن يأوّل كيف يشاء، ﴿هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ أوّل الشمس والقمر إلى الأبوين والكواكب للإخوة، ينقل ظاهر الأمر إلى دلالة أخرى، فهذا له ضوابط يعرفها أهل العلم. التفسير كشف المراد عن اللفظ والمفردات، كآية غير واضحة تشرحها وتفسرها. * ذكر يوسف خروجه من السجن ولم يذكر خروجه من الجب: هو عندما أُخرج من البئر أُخرج من الحرية إلى الرق والعبودية، ثم إلى السجن بتُهَمة مُخِلّة بالشرف، لو من السجن إلى أن يكون عزيز مصر أيهما أولى؟ قال ﴿إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ هذه ليست مثل هذه. * الفرق بين النزغ والوسوسة: النزغ هو الإفساد بين بين الناس تحديداً، أن يغري بعضهم ببعض ويفسد بينهم، مع إخوة يوسف لم يقل وسوس لأنه كانت هناك خصومة فقد أفسد بينهم فحاولوا أن يقتلوا يوسف. الوسوسة عامة لأنه يدخل فيها النزغ، الوسوسة أن يزين له أمر كفعل معصية، وأصلها الصوت الخفي قد يكون غير مسموع وقد يكون مسموعاً بدليل أنه لما وسوس إبليس لآدم كان كلاماً باللسان، لم يكن بين آدم وحواء خصومة فقال وسوس.

ﵟ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﵞ سورة يوسف - 100


Icon