الوقفات التدبرية

* دلالة الآية (خَلَقَ) بين آيات الجعل (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء...

* دلالة الآية ﴿خَلَقَ﴾ بين آيات الجعل ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ (34)﴾ : الجعل هو إخبار عن ملابسة مفعولة بشيء آخر بأن يكون له أو منه أو فيه أو معه أو حالة من الحالات، وليس جعل أي خلق لكن هنالك شيء آخر في المفعول يتعلق به. - ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ خلق الله الماء ولكن جعل منه كل شيء حي، لا نقول جعلنا الماء كل شيء حي. - ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ جعل فيها وليست كلها، رواسي مفعول جعل ملابسة مفعوله بشيء آخر ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ . - ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا﴾ هذه حالة من الحالات لم يجعلها هكذا وإنما يمكن أن نقول خلق السموات. - لكن لما قال ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ ولم يلابسه بشيء آخر قال خلق. * في الأنبياء قال (خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ (٣٣)) وفي الإسراء قال (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ (١٢)) : في الإسراء لما قال آيتين قال جعل وفي الغالب الجعل يتعلق بشيء آخر، وفي الأنبياء قال ﴿خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ لما لم يلابسه بشيء آخر قال خلق جعل تقتضي. * ﴿يَسْبَحُونَ﴾ لم يقل يسبح مع أنها لغير العاقل: من حيث اللغة ﴿كل﴾ لها قواعد في التعبير: - ﴿كل﴾ لفظها مفرد مذكر ومعناها تكتسبه بحسب المضاف إليه. - ﴿كل﴾ إذا أضيفت إلى نكرة فيراعى معناها حسب المضاف إليه (كل رجل حضر) (كل امرأة حضرت) (كل رجلين حضرا) . - أما إذا أضيفت إلى معرفة يصح مراعاة اللفظ أو المعنى، (كل إخوتك) يجوز أن يقال كل إخوتك ذاهب أو كل إخوتك ذاهبون. - إذا قطعت عن الإضافة لفظًا جاز مراعاة اللفظ والمعنى (كلٌ حضر) (كلٌ حضروا)، (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ (١٤) ق) مجموعة أقوام ققال كلٌ كذب الرسل، ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾، إذن لغويًا يجوز خارج القرآن كلٌ في فلك يسبح أو يسبحون. - الإخبار بالجمع يسبحون أي أنهم كلهم مجتمعون في هذا الحدث فلما يقال كلٌ حضروا يعني مجتمعون ولما يقال كلٌ حضر بالإفراد يعني كل واحد على حدة. من حيث الاستعمال: - القرآن استخدم الاثنين ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (٩٣) الأنبياء) (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (٨٤) الإسراء) ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ . - ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ كلهم يسبحون في آن واحد، ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ يوم القيامة كلهم مع بعضهم، ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ كلٌ على حدة، ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ كلٌ على حدة كل واحد في أزمان مختلفة.

ﵟ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﵞ سورة الأنبياء - 33


Icon