الوقفات التدبرية

آية (١٨) : (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ...

آية (١٨) : ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ * السؤال عن العصا بـ ﴿ما﴾ الاستفهامية كان يتطلب تحديد ماهية ما يحمل وحسب فيقول مثلًا (هذه عصا) لكن أطنب موسى وعدّد منافعها وتوسع في الجواب تلذذاً بالخطاب، فالمرء إن تكلم مع شخص ذي بال تمنى لو طال حديثه معه، فكيف بمن خاطب وتكلم مع خالق الخلق سبحانه وتعالى؟ * الفرق بين دلالة كلمة ﴿مِنسَأَتَهُ﴾ في سورة سبأ و﴿عَصَايَ﴾ فى سورة طه: لغويًا: المنسأة عصى عظيمة تُزجر بها الإبل لتسوقها، نسأ في اللغة لها دلالتان نسأ البعير إذا جرّه وساقه، ونسأ بمعنى أخّر الشيء ﴿النسيء﴾ أى التأخير. بيانيًا: في سورة سبأ في قصة سليمان (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (١٤)) هذه المنسأة كانت تسوق الجنّ إلى العمل كما أن الراعي يسوق الإبل لتسير فهذه كانت تسوق الجنّ، والمنسأة كأنها مدّت حكم سليمان وأخّرته إلى أن سقط، فاستعمالها هنا أفاد المعنيين من جهة السوق ومن جهة التأخير. في سورة طه في قصة موسى فاستعمل كلمة العصى ليهشّ بها على غنمه وبها رحمة بالحيوان وعكس الأولى ولا يناسب استخدام كلمة منسأة.

ﵟ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ ﵞ سورة طه - 18


Icon