الوقفات التدبرية

* الفرق بين قوله تعالى (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا) و...

* الفرق بين قوله تعالى ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا﴾ و ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا﴾ في قصة مريم عليها السلام: بين هاتين الآيتين أكثر من نقطة يجب الإلتفات إليها وهي كما يلي: - ذكرها مع الأنبياء في سورة الأنبياء لا شك أنه أمدح لها من ذكرها مع النساء في سورة التحريم. - ذكر اسم مريم لم يأت في سورة الأنبياء لأن السياق في ذكر الأنبياء، أما في سورة التحريم فذكر اسمها (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (١٢)) لأن السياق كان في ذكر النساء ومنهم (امرأة فرعون، امرأة لوط وامرأة نوح) ، والتصريح بالاسم يكون أمدح إذا كان في سياق المدح كما أنها من أعلى المذكورات في سياق النساء ولهذا ذكر اسمها من باب المدح. أما في سورة الأنبياء فهي أقلّ المذكورين منزلة أي الأنبياء فلم يذكر اسمها وهذا من باب المدح أيضًا. - ذكر ابنها في سورة الأنبياء لأن السياق في ذكر الأنبياء، كما ورد ذكر ابني إبراهيم ويحيى ابن زكريا فناسب ذكر ابنها في الآية، ولم يذكره في التحريم لأن السياق في ذكر النساء. - أنها من القانتين لم يذكر في الأنبياء وذكرها من القانتين في سورة التحريم بالتذكير والتغليب فهي تنحدر من سلالة قانتين فهو أمدح لها وكذلك أن الذين كملوا من الرجال كثير وأعلى أي هي مع الجماعة الذين هم أعلى. - ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ في سورة الأنبياء أعم من ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ﴾ . - ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً﴾ في سورة الأنبياء أعمّ من ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا﴾ وأمدح لأن أي كان ممكن أن يصدق بكلمات ربها لكن لا يكون أي كان آية فسياق الآيات في سورة الأنبياء تدل على الأعمّ فجاء بـ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا﴾ أعمّ وأمدح من ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ﴾ . * دلالة ضمير التعظيم فى قوله ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا﴾ و الإفراد فى قوله ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ : إذا كان في مقام التعظيم يسنده إلى مقام التعظيم وإذا كان في مقام التوحيد يكون في مقام الإفراد، ويقال أنه إذا كان أمر الله بواسطة المَلَك يجمع مع إحتراز أنه ليس هنالك مقام تعظيم إلا وقبله أو بعده إفراد. في سورة الأنبياء النافخ تمثل لها بشرًا سويًا بواسطة ملك. في سورة ص (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢)) عن خلق آدم عليه السلام. * في الأنبياء ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ بينما في المؤمنون ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ : في سورة الأنبياء قال قبلها ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا﴾ السياق يتحدث عن مريم فقدّمها على ابنها لأن الحديث عنها مع أن ابنها أفضل منها لأنه نبي ورسول من أولي العزم. في سورة المؤمنون السياق يتحدث عن الأنبياء والرسل (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ (٤٤)) إلى أن يقول (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (٥٠) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)) فالأَوْلَى أن يُقدّم عيسى على والدته فقدّم. * ﴿وَجَعَلْنَاهَا﴾ ولم تكن من قبل ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ ولادة عيسى ابن مريم ذات عجب تحير العالمين، فالله تعالى جعله وأبرزه آية ظاهرة جلية للعالمين هو وأمه العذاراء البتول الطاهرة، ففعل ﴿جعل﴾ يعني صيّره آية للعالمين فحمل معنى الإبداء ومعنى الجعل ومعنى التصيير والإظهار.

ﵟ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﵞ سورة الأنبياء - 91


Icon