الوقفات التدبرية

آية (٣٠) : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ...

آية (٣٠) : ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ﴾ * الفرق بين الرأفة والرحمة: الرأفة أخصّ من الرحمة فهي مخصوصة بدفع المكروه وإزالة الضرر تقول أنا أرأف به إذا كان متوقعاً أن يقع عليه شيء. الرحمة عامة ليست مخصوصة بدفع مكروه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، عندما نقول في الدعاء يا رحمن ارحمنا هذه عامة أي ينزل علينا من الخير ما يشاء ويرفع عنا من الضر ما يشاء وييسر لنا سبل الخير عامة. * أفردت الرأفة عن الرحمة في موطنين فقط في القرآن كله في سورة البقرة ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ وفي سورة آل عمران ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ﴾ ما قال تعالى رؤوف رحيم. لو لاحظنا السياق الذي وردت فيه الآيتان: في سورة البقرة قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)) لما يقول ﴿فحسبه جهنم﴾ السياق لا يناسب ذكر الرحمة. في آل عمران (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ (٢٨)) مقام تحذير والتحذير يعني التهديد ولا يتناسب التحذير مع الرحمة. * ﴿وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ﴾ العباد أفاد الاستغراق فرأفة الله تعالى شاملة لكل الناس مسلمهم وكافرهم فلو قلت والله رؤوف بعباده فالمعنى سيكون قاصراً على فئة من العباد دون غيرها.

ﵟ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﵞ سورة آل عمران - 30


Icon