الوقفات التدبرية

آية (٢) : (الذين هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) * بدأ بصفة الخشوع: -...

آية (٢) : ﴿الذين هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ * بدأ بصفة الخشوع: - تناسبًا مع ختام سورة الحج من ذكر ركني الصلاة الظاهرين الركوع والسجود، فاستكملها هنا بذكر الركن الباطن. - سياق السورة مشحون بجو الخشوع بشقيه سواء ما يتعلق بالقلب أوما يتعلق بالجوارح وبالدعوة إليه بكل أحواله: --- فقد كرر الدعوة إلى التقوى، وهي أمر قلبي ومن لوازم الخشوع وكذلك الخشية والإشفاق والوجل ﴿أَفَلَا تَتَّقُونِ﴾ ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ . --- ذكر في السورة الكفار وذمهم بقوله ﴿بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ﴾، وهذه الغمرة تمنعها من الخشوع لله والإعراض عما سواه سبحانه، ولم يقل ﴿هُمْ فِي غَمْرَةٍ﴾ كما ورد في الذاريات لأن القلب موطن الخشوع، فإن كان القلب في غمرة، فكيف يخشع؟ --- قال في ذم الكفار ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ فلم يخشعوا لأن الخاشع مستكين لربه متضرع متذلل إليه. --- قال في قوم فرعون ﴿فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قومًا عَالِينَ﴾ والاستكبار والعلو مناقضان للخشوع. - ورد في الآثار أن الخشوع أول ما يرفع من الناس، وآخر ما يرفع الصلاة، فبدأ بما يرفع أولًا، وختم بما يرفع آخرًا ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافْظُونَ﴾ . * تقديم الجار والمجرور ﴿فِي صَلَاتِهِمْ﴾ على ﴿خَاشِعُونَ﴾ للعناية والاهتمام، فالصلاة أهم ركن في الإسلام، والصلاة بلا خشوع أكبر وأعظم عند الله من خشوع بلا صلاة، فإن المصلي وإن لم يكن خاشعًا أسقط فرضه وقام بركنه بخلاف من لم يصل. * ﴿خَاشِعُونَ﴾ بالصيغة الاسمية الدالة على الثبات ولم يقل (يخشعون) : - للدلالة على أنه وصف دائم لهم في الصلاة غير عارض. - لما وصفهم بالإيمان على جهة الثبوت ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ وصفهم بالخشوع في الصلاة على جهة الثبوت والدوام أيضًا ولو قال (يخشعون) لصح الوصف لهم بخشوعهم لحظة في القلب أو الجارحة، ولما اقتضى الدوام.

ﵟ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﵞ سورة المؤمنون - 2


Icon