الوقفات التدبرية

آية (٤) : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) * تقديم الزكاة...

آية (٤) : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ * تقديم الزكاة للاهتمام والعناية والقصر، أي: لا يفعلون إلا الخير، والزكاة منها. * الزكاة اسم مشترك بين عدة معان قد تكون مرادة جميعها من باب التوسع في المعنى: - فقد يطلق على المال الذي يخرجه المزكي. - وقد يطلق على المصدر بمعنى التزكية وهو الحدث أي إخراج القدر المفروض من الأموال إلى مستحقه. - وقد يكون بمعنى العمل الصالح وتطهير النفس من الشرك والدنس، كما قال تعالى ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ . - وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادًا وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال، والمؤمن الكامل هو الذي يفعل هذا وهذا. * ﴿لِلزَّكَاةِ﴾ اللام تحتمل التقوية، وتحتمل التعليل، وهذه المعاني كلها مرادة، فهو يريد الذين يؤدون الزكاة، ويفعلون العمل الصالح، وتطهير النفس ويفعلون من أجل ذلك. ولا تجتمع هذه المعاني في أي تعبير آخر. * عبّر عن تأدية الزكاة بالفعل فقال ﴿فَاعِلُونَ﴾ ولم يقل مؤدّون واختار الاسم ﴿فَاعِلُونَ﴾ دون الفعل فلم يقل "للزكاة يفعلون" فالتعبير بالاسم دون الفعل إيماء إلى أنك حريص على تأدية الزكاة ما دمتَ حيًّا، فدفع الزكاة هو دأبُك أبد الدهر بدون انفطاع، وعبّر عن التأدية بـ ﴿فَاعِلُونَ﴾ لأن هذا اللفظ يوحي بأن دفع الزكاة هو من أفعاله وسلوكه. * لم يقل (والذين هم للصلاة فاعلون) كما قال ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ : إخراج النصاب إلى مستحقه كاف لأداء فريضة الزكاة، وليس وراءه شيء يتعلق بها، فإن لم يفعل ذلك فلا زكاة. أما فعل الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود مع هيئاتها الأخرى، فليس بكاف، بل ينبغي أن يكون مع ذلك خشوع وتدبر وحضور قلب وسنن، وآداب تكمل هذه الأفعال الظاهرة وتتمها.

ﵟ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﵞ سورة المؤمنون - 4


Icon