الوقفات التدبرية

* في سورة النساء ذكرت الآية كلمة خير، وفي سورة الأحزاب (إِن...

* في سورة النساء ذكرت الآية كلمة خير، وفي سورة الأحزاب ﴿إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ﴾ ذكرت كلمة شيئ: كلمة ﴿خيراً﴾ اختريت لسببين، السبب الأول يخص السورة نفسها فسورة النساء تميل إلى جانب الصلح والود والإصلاح، إلى الخير فناسبها كلمة خير، والسبب الآخر يخص السياق فهذه الآية قبلها آية أخرى ﴿لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ﴾ فذكرت الآية الأولى السوء وجاءت هذه الآية مقابلة لها فذكرت الخير ﴿إِن تُبْدُواْ خَيْرًا﴾، فالآية هنا تدعو إلى الخير. سورة الأحزاب تتحدث عن مؤمنين وكفار وتبين أفعال وأقوال المنافقين في غزوة الأحزاب وتبين كيف كانوا يدّعون ﴿يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ ﴿مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ وتحدثت أيضاً عن المؤمنين فالآية بيّنت للطرفين أن أيّ شيء تبدونه سواء كان هذا الشيء خيراً أم شراً فالله يعلمه فجاءت كلمة شيء والشيء تشمل المعنيين. * الفئة المخاطّبة في الآيات مختلفة: في سورة النساء الخطاب للمؤمنين وحدهم (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (١٤٨) إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)) . في سورة الأحزاب الخطاب للجميع (إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ (٥٤)) شيئاً كلمة عامة والخير شيء والشر شيء . في سورة البقرة قال تعالى (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ (٢٨٤)) قال ﴿ما﴾ ولم يقل خيراً أو شيئاً، الخطاب هنا لكل البشر وينطبق بالدرجة الأولى على المؤمنين بواقع أن القرآن يخاطب الرسول والمؤمنين. * قال تعالى في سورة النساء ﴿أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ﴾ ولم تأت في سورة الأحزاب، لأن سورة النساء تدعو إلى جانب العفو والإصلاح والسلام والإنصاف والمودة وحسن العشرة فنأتي سياقات تدعم هذا الإتجاه. * اختلفت خواتيم الآيات: ختام آية النساء ﴿أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ الختام يناسب العفو، وكلمة قديراً تدل على أن الله يعفو عن مقدرة لا عن عجز أو ضعف أو احتياج للناس، الله قدير على العفو وقدير على العقوبة لو أراد، - هذا من باب التوسع في المعنى - قدير على العفو وقدير على أن لا يعفو، فالآية تدعو المؤمنين إلى أن يتخلقوا بصفة من صفات الله عز وجل. ختام آية الأحزاب (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٥٤)) هنا تنبيه للفريقين للمؤمنين والمنافقين وتنبيه لكل البشر حتى يرتدع الإنسان فلا يُبدي إلا الخير. في آية سورة البقرة ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ تنبيه إلى أن الإنسان محاسب، الهدف من هذه الاية أن يحرص كل المسلمين على ما يقولون ، ما يعلنون وما يخفون ويعلموا أن الله يحاسبهم. والختام يبين أن الله قدير على أن يعلم ما في نفوسهم وقدير على أن يعذب هؤلاء وقدير على أن يعفو عن هؤلاء. كل ختام يناسب ما جاء في صدر الآية

ﵟ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﵞ سورة النساء - 149


Icon