الوقفات التدبرية

(قال تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا...

(قال تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ (36)فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ (37)) ذكر فأزلهما، فأخرجهما بالمثنى ثم ذكر آدم عند التلقّي بالمفرد دون حواء؟ فما دلالة هذا الاختلاف هو نبي والنبي هو الذي أُنزل عليه وليس زوجه. هو النبي الذي يتلقى وليس زوجه والتبليغ أصلاً كان لآدم (يا آدم اسكن أنت وزجك، وعلم آدم الأسماء، اسجدوا لآدم، الكلام كان مع آدم والسياق هكذا قال ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ وهو نبي وهو الذي يتلقى الكلمات هذا السياق وهذا ليس تحقيراً لحواء. لو ذكرنا في طه (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)) لم يذكر حواء، (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)) لم يذكر حواء، (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (122)) لم يذكر حواء، السياق هكذا. فتلقى آدم لأن آدم هو المنوط به التواصل مع الله سبحانه وتعالى بالوحي. * ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ قرأها إبن عباس ﴿فتلقى أدمَ﴾ فما وجه الاختلاف؟ هذه القراءة بالنصب ﴿فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ﴾ الكلمات فاعل. هذه القراءة بالنصب فيها تكريم لآدم تلقته الكلمات كما يُتلقى الساقط إلى الأرض لئا يهلك، تلقته الكلمات ليتوب. لم يقل فتلقت آدم من ربه كلمات لأنه أولاً ﴿كلمات﴾ مؤنث مجازي والمؤنث المجازي يجوز فيه التذكير والتأنيث، ثم الأمر الآخر هناك فاصل بين الفعل والفاعل لأن وجود الفاصل يحسّن التذكير وحتى لو لم يكن مؤنثاً مجازياً لو كان مؤنثاً حقيقياً جمع مؤنث سالم أيضاً بالفصل يُذكّر كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ (12) الممتحنة) ما قال إذا جاءتك، فكيف إذا كان المؤنث مجازياً؟ ﴿فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ﴾ تلقته الكلمات لأن آدم سقط ولأن المعصية سقوط فتلقته الكلمات لئلا يهلِك. مسألة تقديم وتأخير المفعول به على الفاعل جائز في القرآن.

ﵟ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﵞ سورة البقرة - 36


Icon