الوقفات التدبرية

آية (10-13): ...

آية ﴿10-13﴾: *ما الفرق بين نهايات الآيات في سورة النحل (10) - (13) وما دلالة الجمع والإفراد في كلمة آية وآيات؟ (د.فاضل السامرائى) نقرأ الآيات ليتضح لنا السؤال. الآيات متتابعة (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)). الآية الأولى ذكر وعدّد أموراً واضحة: الزرع والزيتون والنحيل والأعناب والثمرات وفي الثانية ذكر أموراً عددها: الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والآية الثالثة قال ﴿وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه﴾ لم يعدد شيئاً فسوف تتذكر أنت حتى تعدد ولذلك قال تعالى في ختامها (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)). في الأولى ذكر الزرع والزيتون وغيرها وفي الآية الأخرى ذكر الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم. وفي الثالثة اُذكر أنت فسوف تتذكر ثم تذكر لذا ختم الآية بـ ﴿يذّكرون﴾. الآية الأولى (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ) تنبت في الأرض وجزء من الأرض فإنه ذكر ما يتعلق في الزرع والآية ﴿وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ في الأرض فالآيتين في الأرض وجزء من الأرض. الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم أكثر إذن الأرض آية وهذه آيات. لما ذكر ما يتعلق بالأرض أو جزء منها قال ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾ ولما ذكر الشمس والقمر والليل والنهار والنجوم قال ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾. جزء من الأرض، شيء من الأرض قال ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾. الشمس آية والقمر آية والنجوم آيات لذا قال ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾. لما ذكر جزءاً من الأرض جعلها آية ولما ذكر ما هو أكثر من الأرض جعلها آيات. هذا أمر وعرفنا استعمال يذّكرون وعرفنا الفرق بين آية وآيات. الأمر الآخر أنه لما ذكر الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم هذه يكفي العقل فيها فقط لمعرفة الله تعالى، العقل وليس العلم. العقل وحده كافٍ لأنه الذي يفرق بين العاقل والمجنون ولأن هذه أشياء يومية يراها العاقل. هذه آيات للذي عنده عقل. الباقي يحتاج إلى فِكر (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ) كيف ينزل في الأرض وكيف ينبت به لذا كل آية تتناسب خاتمتها مع ما فيها. ﴿يتفكرون﴾ بمعنى الفِكر يُعمِل فكره، ويعقلون مجرد العقل. التفكير أكثر من العقل. كونك عاقلاً يعني تعرف أموراً والفرق بين العاقل والمجنون أن العاقل يعقل الأمور. وهناك فرق بين يعقل ويعلم: اذي يعلم ينبغي أن يكون عاقلاً لكن العاقل ليس بالضرورة أن يكون عالماً. إذن المرحلة الأولى العقل لأنه مناط التكليف وليس بالضرورة أن يكون عالماً لأن مناط التكليف العقل. والمرحلة الثانية التفكر يُعمِل فكره في أشياء أخرى. *ما دلالة الواو في قوله تعالى ﴿والنجوم مسخّرات بأمره﴾ في سورة النحل؟ (د.فاضل السامرائى) قال تعالى (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {12}) الواو إما عطف جملة على جملة وإما إستئنافية. اسم الإشارة جاء بالإفراد (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)لأن المقام مقام إيجاز.لأن ﴿ذلكم﴾ أكثر من ﴿ذلك﴾ من حيث الحروف إذا كان المقام كله مقام إطالة يأتي بكل ما يفيد الإطالة لغة وإذا كان في مقام الإيجاز يأتي بكل ما في الإيجاز لغة، مثال (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) الأنعام) فيها تفصيل فقال ﴿إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾، صار توسع في المعنى لما عدّد أشياء كثيرة إذن صار إطالة وتوسّع فجمع ﴿ذلكم﴾ حتى تتلاءم مع ما قبلها.

ﵟ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﵞ سورة النحل - 10


Icon