الوقفات التدبرية

آية (26): *(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ...

آية (26): *(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ (26) النحل) ما مقام ودلالة ﴿من فوقهم﴾ مع أنه معلوم أن السقف يخر من فوقهم؟(د.فاضل السامرائى) خر عليهم السقف يعني انهدم ووقع. الخرّ الوقوع، من فوقهم يعني هم تحته يعني وقع فوق رؤوسهم، وقع عليهم. لو كان ناس في غرفة ووقع سقف الغرفة لكن لم ينلهم لم يقع عليهم نقول خرّ عليهم السقف لكن ليس من فوقهم. وقع علينا حائط ليس بالضرورة أنه وقع عليهم وإنما انهدم في ملكه ولا يقتضي أن يكون وقع على رؤوسهم، يقال وقع علينا حائط وهم في غرفة أخرى ليس شرطاً أن يكونوا تجته. من فوقهم يعني وقع عليهم تحديداً، هم كانوا تحته، وقع فوق رؤوسهم. إذا وقع جزء من السقف في غرفة وهم نائمين في الغرفة تقول خرّ عليهم السقف، وقع السقف عليهم لكنهم كانوا في جانب آخر من الغرفة. من فوقهم يعني هم تحته فوقع عليهم هم. هناك اختلاف بين خرّ السقف عليهم وخرّ السقف عليهم من فوقهم، خرّ السقف هذا عام، خرّ السقف عليهم هذا في ملكهم أما خرّ السقف من فوقهم يعني عليهم هم. والله تعالى أراد أن يجسد هذا المعنى هذا تكون المصيبة أكبر. وعندنا التوكيد تقول رأيته بعيني وسمعته بأذني وعملته بيديّ هاتين، هذا نوع من التوكيد (وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ (38) الأنعام) بماذا يطير الطائر؟ الطائر يطير بجناحيه، هذا توكيد للمعنى. *ما دلالة ذكر ﴿من﴾ في قوله تعالى ﴿قد مكر الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾؟(د.فاضل السامرائى) قال تعالى في سورة النحل(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ {43})وذكر ﴿من﴾ تفيد الإبتداء أي ابتداء الغاية وهو امتداد من الزمن الذي قبلك مباشرة أي من زمان الرسول  إلى زمن آدم. وليس هناك فاصل كما جاء في قوله تعالى ﴿يُصبّ من فوق رؤوسهم الحميم﴾ أي ليس هناك فاصل بين الرأس والصبّ حتى لا تضيع أية حرارةلأن العاقبة لهذا الصبّ أن يُصهر به ما في بطونهم.وكذلك قوله تعالى (والملائكة حافّين من حول العرش) أي ليس بينهم وبين العرش فراغ. أما في سورة الأنبياء (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {7}) وهي تحتمل البعيد والقريب وكذلك في قوله (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ {48} ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ {49} الدخان) وهذا العذاب أخف من الأول ﴿من فوق رؤوسهم﴾. وهذا الذكر او الحذف يعتمد على سياق الآيات فإذا كان السياق ممتد يأتي بـ ﴿من﴾ وإذا كان السياق لفترة محددة لا يأتي بها. في سورة النحل كل الآيات فيها ﴿من﴾ لأن الحديث كله عن سلسلة الأنبياء (مستمرة) أما في سورة الأنبياء (مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ {6}) فهي قائمة على التبليغ فناسب حذف ﴿من﴾.

ﵟ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﵞ سورة النحل - 26


Icon