الوقفات التدبرية

آية (67): * ما دلالة قوله تعالى (أفلا يعقلون) في الآية 67 من سورة النحل؟...

آية (67): * ما دلالة قوله تعالى ﴿أفلا يعقلون﴾ في الآية 67 من سورة النحل؟ وهل يعقل السكران؟(د.فاضل السامرائى) قال تعالى في سورة النحل (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)) وهذه الآية مكيّة وليست مدنية أي نزلت قبل تحريم الخمر. والسَكَر في اللغة من أشهر معانيها الخمر وقسم قال أن من معانيها الخلّ لكن الأشهر هو الخمر. وقد قال تعالى ﴿سكراً ورزقاً حسنا﴾ ودلّ في هذا على أن ما يتخذه الإنسان من ثمرات النخيل والأعناب يكون إما سكراً (وهو ليس بالرزق الحسن) والرزق الحسن. ففي هذه الآية أول إشارة إلى أن الخمر أو السكر ليس من الرزق الحسن مع أنه لم يكن قد نزل تحريمها لكنه أول تقسيم في مكة . والأمر الآخر أنه لم يقل في الآية لعلكم تشكرون لأنه لم يجعل السكر من باب النعم حتى لا يشمل الشكر الخمر. وثالثاً أن استخدام كلمة ﴿يعقلون﴾ فيه تعريض بالخمر لأنه يزيل العقل فكأن الذي يعقل ينبغي أن ينتهي عنه. والأمر الآخر أن الخطاب في الآية لم يأت للمؤمنين وإنما فيما يتخذه الإنسان من ثمرات النخيل والأعناب (السكر والرزق الحسن). والتعريض بالضدّ في اللغة فهذا سكران فهل يعقل؟ هذا للسخرية وأحياناً نعرّض الشيء بعكسه على سنن العربية والسياق هو القرينة التي تُعين على الفهم لأن أهل البلاغة واللغة والذيت يتكلمون في علوم القرآن يجعلون السياق من أهم وأعظم القرائن للتعبير كما جاء في قوله تعالى (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) هود) فالتعبير ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ هو في الأصل مدح لكن إن وضعناه في سياق الآيات فهي استهزاء. وكذلك قوله تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان) فالتعريض بهذه الأشياء يمثّل خطّاً في القرآن الكريم.

ﵟ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﵞ سورة النحل - 67


Icon