الوقفات التدبرية

سورة البقرة سورة الأعراف آيتان من آيات بني إسرائيل يقول تعالى في...

سورة البقرة سورة الأعراف آيتان من آيات بني إسرائيل يقول تعالى في سورة البقرة (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴿58﴾ البقرة) نفس الآية بالضبط جاءت في سورة الأعراف (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴿161﴾ الأعراف) ﴿وإذ قلنا﴾ ﴿وإذ قيل لهم﴾ ﴿ادخلوا هذه القرية﴾ ﴿اسكنوا هذه القرية﴾ ﴿فكلوا﴾بالفاء ﴿وكلوا﴾ بالواو ﴿نغفر لكم خطاياكم﴾ ﴿نغفر لكم خطيئاتكم﴾ ﴿وسنزيد المحسنين﴾ فيها واو ﴿سنزيد المحسنين﴾ (ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة) (قولوا حطة وادخلوا الباب سجداً) هذه مجمل الاختلافات بين الآيتين وكلها تدور في حدثٍ واحد في مقطعٍ واحد في أرضٍ واحدة ولكن تركيب الآية أو الصياغة اللفظية تختلف اختلافاً شديداً بين الآيتين هذا ليس عبثاً.وكما نعلم أن هذا هو المتشابه وكل اختلافٍ من هذه الاختلافات يعطيك جانباً من الصورة إذا ألممت بها كثيراً فإنك حينئذٍ تكون قد عرفت تفاصيل القصة. o لنبدأ هنا في آية البقرة الله تعالى يقول لبني إسرائيل ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا﴾ وإذ قلنا، في الأعراف ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ﴾ نفس القضية؟ لا، في البداية رب العالمين لما تاهوا وقالوا يا موسى نحن جُعنا (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ﴿61﴾ البقرة) وشكوا له الخ.. رب العالمين أمرهم قال ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ لهم نحن الله عز وجل قلنا لهم ﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ وهي بيت المقدس كما تقول أصح الروايات لأن في آية أخرى تقول (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ﴿21﴾ المائدة) فهي إذاً بيت المقدس. إذاً رب العالمين في البداية أمرهم أن يدخلوا هذه القرية ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ رب العالمين قالها مرة واحدة ولكن تعرفون بني إسرائيل ليسوا طيّعين ولا طائعين أهل نقاش فانظر فى قصة البقرة قالوا ما لونها وما هي الخ أهل لجاجة وكما هم اليوم فاليوم كل العالم يعلم أن أي مفاوضات مع اليهود لا تخرج منها بنتيجة لشدة ولعهم بالدوران والفر والكر والألفاظ المموهة والألفاظ التي تحتمل معنيين ليسوا صريحين. فحينئذٍ أنبيائهم واحد تلو الآخر بدأوا يحثونهم ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ﴾ عن طرق أنبيائهم رب العالمين عندما قال ﴿قُلْنَا﴾ لما كان سيدنا موسى موجوداً، على لسان سيدنا موسى ثم على لسان الأنبياء يا جماعة ألم يقل رب العالمين ادخلوا؟ ادخلوا وكما تعرفون القصة (إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا ﴿22﴾ المائدة) يعني القرآن وضّح هذا من كثرة تكرار الأنبياء لهم بعد سيدنا موسى قال ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ﴾ إذاً في زمن سيدنا موسى رب العالمين هو الذي قال، بعد سيدنا موسى محاولات أخرى جادة من أنبيائهم ضد لجاجات بني إسرائيل ادخلوا ادخلوا ادخلوا إذاً هذا الفرق بين ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ نحن الله و ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ﴾ قال لهم أنبيائهم مثل يوشع وذا النون الخ من بقية الأنبياء. هذا الفرق بين الآيتين لما رب العالمين قال ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ أنت ستفهم أن هذا في زمن سيدنا موسى عندما قال الله ذلك، بعد سيدنا موسى جاء أنبياء آخرون يقولون يا جماعة ألم يقل لكم رب العالمين ادخلوا؟ ادخلوا ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ﴾ عن طريق أنبيائهم. إذاً هي هذه الفعل من الماضي قال قلنا وقيل معلوم مجهول رسم لقطة لا يمكن فهمها إلا بهذه الطريقة هذه ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ و ﴿وَإِذْ قِيلَ﴾. o اللقطة الثانية: في البقرة ﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ وفي الأعراف ﴿اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ واضح الفرق ادخلوا في البداية، رب العالمين أمركم أن تدخلوا هذه القرية. يا ترى الدخول مؤقت؟ يوم يومين؟ قال لا تستقرون بها نهائياً اسكنوا فيها فحينئذٍ رب العالمين ماذا قال لسيدنا آدم (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴿35﴾ البقرة) هذه القرية إذاً فيها سكنكم وطمأنينتكم ومستقبلكم فهذا هو وطنكم الخ في البداية أمر بالدخول ماذا بعد الدخول؟ نخرج؟ أحياناً كما تعلمون رب العالمين يأمر الأنبياء بالهجرة ،هنا قال لا إذا دخلتم هذه القرية فإنها آخر قرية - نحن قلنا القرية في القرآن يعني المجتمع كل مدينة كل قطر كل كتلة بشرية تسمى قرية - حينئذٍ رب العالمين لما قال ﴿ادخلوا﴾ في البداية لما قال ﴿اسْكُنُوا﴾ يعني بعد أن تدخلوا لا تفكروا بالخروج منها وإنما اسكنوا بها بشكل نهائي هذا الفرق بين ﴿ادْخُلُوا﴾ وبين ﴿اسْكُنُوا﴾. o مرة قال ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ ومرة قال ﴿وَكُلُوا مِنْهَا﴾ بالواو انظر إلى دقة القرآن الكريم لما شكوا له من الجوع وقالوا ابعث لنا شيئاً نأكله ﴿مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا﴾ قال ﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا﴾ لأنهم جائعون وحينئذٍ ادخلوا هذه القرية بسبب هذا الدخول سوف تأكلون ﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا﴾ هذا بعد أن دخلوا لأول مرة. لما سكنوا كلما جاعوا يأكلون قال ﴿وَكُلُوا﴾ إذاً مستمرة ولاحظ أيضاً في البقرة قال ﴿فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا﴾ إن كان ذلك الدخول في موسم في غاية الثراء من حيث الموسم الزراعي لكن في الأعراف لم يقل رغداً لأنك طبعاً أنت ساكن في المدينة مرة رغداً مرة ليس رغداً، مرة في مطر مرة ما في مطر، مرة في نبات مرة مافي نبات بس قال ﴿وَكُلُوا مِنْهَا﴾ لم يقل رغداً لأن فرق بعد الدخول أمروا بوقت محدد أن يدخلوا ذلك الوقت كان يهيئ لهم الأكل رغداً لما سكنوا بها مرة رغداً ومرة ما في رغداً فرب العالمين لم يستخدم كلمة رغداً في قصة الأعراف. o ثم قال رب العالمين ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ في الأعراف ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ الباب باب المسجد فلما قال ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ يعني ادخلوا الباب وقولوا حطة اللهم حُطَّ عنا خطايانا لأن خطايا بني إسرائيل كثيرة جداً من زمن سيدنا موسى إلى اليوم ما من أهل دين عصوا أنبياءهم وقتلوهم وشردوهم واتهموهم باللواطة وبالزنا كما فعل اليهود بأنبيائهم. الله قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى ﴿69﴾ الأحزاب) اتهموه ولوط قالوا هذا زنا ببناته الخ فلم يتركوا نبي ولهذا الله يقول ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ للخضوع والخشوع والتذلل حتى نغفر لكم ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ هكذا كأنكم راكعون أو ساجدون زحفاً وقولوا يا رب حط عنا يا رب حط عنا الخطايا حديث أن التوبة تقتضي تذللاً فما من تائب يقول يا رب اغفر لي بل بتذلل يقول اللهم أنت ربي أنت رب العالمين خلقتني وأنا عبدك بالتذلل والتضرع، التذلل باللسان ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ ربي حط عنا خطايانا وقال ﴿ سُجَّدًا﴾ يعني خاشعين خشعاً وهذه هي عناصر التوبة إذا أردت أن تتوب فإن عليك أن تتذلل وتتضرع إلى الله بلسانك ربي اغفر لي يا أرحم الراحمين إنك الغفور الرحيم وقلبك في غاية الخشوع مع الله سبحانه وتعالى وهذه من علامات قبول التوبة. إذاً الآية تقول ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ أنت ادخل وقل يا ربي اغفر لي . لكن في الأعراف ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ معنى ذلك أنت عليك أن تستغفر الله عز وجل قبل الدخول وأثناءه وبعده وهذه حتى عند المسلمين من لزم الاستغفار (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍ فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) كل حاجاتك إذا أردتها أن يوفقك الله إليها من أقصر الطرق إليها كثرة الاستغفار (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿10﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿11﴾ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴿12﴾ نوح) معنى هذا أن الاستغفار يأتي بالرزق ويزيل الهم ويفرج الكروب ويأتي بالخصب ويأتي بالبهجة والرغد. حينئذٍ لما رب العالمين أراد أن يتوب عليهم وقد ساءت أعمالهم فرب العالمين قال ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ يعني أنتم عندما تدخلون المسجد ائتوه وأنتم تزحفون ساجدين وقولوا ربي اغفر ربي اغفر حطة حطة حط عنا حط عنا حط عنا يا رب العالمين فإذا دخلتم المسجد استمروا بهذا. إذاً ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ اختلاف التقديم والتأخير يقوم برسم مقطعين مختلفين في هذه القصة. o في سورة البقرة ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ في الأعراف ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ﴾ ما الفرق؟ كل واحد منا ذنوبه لا تحصى من ساعة ما بلغ في الخامسة العشرة إلى أن بلغ حتى المائة لا يمر يوم إلا وعنده خطيئة ما يمكن يمر يوم إلا وعندك خطيئة حتى لو أنك اغتبت أحداً بمزحة ما معقول ليس هناك واحداً عنده جار جائع وما أنصفه ما معقول لم تتكلم مع أبويك بغلظة بسيطة ما معقول ما أسأت إلى زوجتك أو أهلك لا بد أن يكون عندك ذنب فذنوبنا كالرمل لكن كل واحد منا في حياته ذنوب يئن منها ليل نهار وعندما يموت يتذكر قتل فلان ويوم من الأيام كفر ويوم من الأيام أكل مال فلان ويوم من الأيام لم يصلي ويوم عق والديه هذه الكبائر التي هي مفاصل ومعالم على طريق العمر. كل واحد منا نحن عندما نقرأ عن الخلفاء مثلاً والملوك العرب وكل الملوك خاصة إذا كان هو يخاف الله ويؤمن باليوم الآخر عند الفراش يئن من ذنب فعله .هكذا كل من له ذنوب كبيرة حينئذٍ يذكرها ساعة الاحتضار إذا ما تاب عنها. في الآية الأولى قال ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ كلها بدون تعداد كل الخطايا ربما يكون واحد منهم شك قال لكن هذا خطاياكم شيء وأنا كوني قتلت فلان شيء آخر لأن بني إسرائيل عندهم جرائم رهيبة ورب العالمين أحياناً سلط بعضهم على بعض (ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿54﴾ البقرة) يعني عاقبهم عقاباً أرسل عليهم زوبعة هائلة بحيث لا يرى الواحد الآخر وبالسيوف قتل بعضهم بعضاً قتل حوالي سبعين ألف حينئذٍ هذه ذنوب خطيرة ذنوب تتعلق يعني مثلاً سدينا موسى ذهب لكي يقابل رب العالمين فعبدوا العجل! من ينسى هذه الجريمة؟ اتخذوا العجل (قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴿138﴾ الأعراف) جرائم خطيرة عندهم حوالي سبع أو ثماني جرائم عددها القرآن الكريم من الموبقات. هذه خطايا المعدودة خطيئات وجملة الذنوب سماها خطايا. كلمة خطيئات وخطايا الخطايا كل ذنوبنا هي خطايا التي هي معالم خطيرة في حياتك تئن منها عند الموت هذه خطيئات فهنا لما رب العالمين مرة قال ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ كلها ثم قال حتى تلك الرهيبة وهي الخطيئات لأنها معدودة محددة معروفة لا ينساها العبد ويتذكرها جيداً وهو على فراش الموت وهي التي تهلكه وتوبقه يوم القيامة. النبي صلى الله عليه وسلم قال (إياكم والسبع الموبقات) الموبقات لم يقل الموبقة وفعلاً الموبقات حوالي خمسين ستين وحدها الكبائر حوالي سبعين ثمانين لكن هذه الموبقات المهلكات قال سبعة وهي قتل النفس وعقوق الوالدين أكل الربا أكل مال اليتيم أما عندك الغيبة والحقد والكراهية والسباب كثير جداً لكن هذه لا تقال عنها موبقات تقال موبقة هذه الموبقات لأنها معروفة محددة لا تتغير ولا تتبدل هذا الفرق بين ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ﴾ و ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾. o أخيراً قال في سورة البقرة ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ بينما في الأعراف قال ﴿سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ أنت لاحظ أن آية البقرة فيها يعني قوة لماذا؟ رب العالمين يقول ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ أنا رب العالمين الذي قلت أنا قلت لكم، لما كان المخاطِب رب العالمين يكون عطاؤه أكثر يعني فرق بين الملك يخاطب زيد من الناس وبين الملك يبعث واحد قل لفلان وفلان شيء يعني عندما يخاطبك الملك مباشرة يكون عطاؤه أعظم بينما عندما يرسلك شخص يبلغك يكون العطاء أقل والله قال ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ قال ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ واو للتأكيد تدل على كمية العطاء الهائلة بينما في سورة الأعراف أنبياء كانوا يتكلمون معهم وليس رب العالمين بشكل مباشر قال ﴿سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ يعني لو أنك ذهبت إلى الملك قلت له يا صاحب الجلالة في واحد فلان الفلاني محتاج قال له سنكرمه فلما تقابله أنت وجهاً لوجه لا سنكرمك بقوة لأنه أنت عطاؤه مباشر. هذا الفرق بين ﴿سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ و ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ . إذاً رب العالمين سبحانه وتعالى لما قال ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ وهذا حكمٌ عام جاء في الكتب الثلاثة ونحن نعرف أن هناك أحكام مشتركة بين التوراة والإنجيل والقرآن شرعُ من قبلنا شرعٌ لنا وأحكام محددة وآيات محددة حينئذٍ المسجد الذي هو مكان الصلاة سواء كان كنيسة أو بيعة أو جامع مسجداً في العبادة الصحيحة في زمن سيدنا موسى وزمن سيدنا عيسى وزمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أجرها واحد وكلنا نعرف ما هو أجر المساجد، مجرد حبها (رجلٌ معلقٌ قلبه بالمساجد) (من دخل المسجد فهو ضامنٌ على الله) (ثلاث مجالس العبد فيها على الله ضامن ما كان في مسجد جماعة وما كان في مجلس مريض وما كان في مجلس إمام تعزّره وتوقره) هذه المجالس العبد فيها على الله ضامن. فرب العالمين لما يقول لبني إسرائيل ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ قبل الدخول وبعد الدخول وأثناء الدخول كما يدخل المسلم المسجد كما قال صلى الله عليه وسلم (أحب البقاع إلى الله المساجد) وقال (المساجد بيوتي وعُمّارها زوّاري وحقٌ للمزور أن يُكرِم زائره) والحديث في هذا الباب تعرفونه جيداً ما هو فضل الصلاة في المسجد على الصلاة في البيت؟ ثم ما هو حكم من يعتاد المسجد عند الله؟ قال نشهد له بالإيمان. وحينئذٍ فهذا الموضوع كله كان قد حُكي لبني إسرائيل عندما قال لهم سبحانه وتعالى ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾. إذاً رب العالمين كما تعلمون لما قال ﴿ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ كما الله قال بالضبط نفس المعنى مع اختلاف كبير في الحيثيات (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴿3﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿4﴾ قريش) ﴿اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ﴾ يعني الشكر على تلك النعمة وقبلها قال (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿1﴾ الفيل) شكراً لهذه النعمة الذي آمنكم من خوف وهنا أطعمكم من جوع.

ﵟ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ۚ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﵞ سورة البقرة - 58

ﵟ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ ۚ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﵞ سورة الأعراف - 161


Icon