الوقفات التدبرية

آية (97): *لماذا وردت كلمة المهتد بدون ياء فى سورة الاسراء والمهتدى...

آية (97): *لماذا وردت كلمة المهتد بدون ياء فى سورة الاسراء والمهتدى فى سورة الأعراف؟ (د.فاضل السامرائى) أولاً نقول أن خط المصحف لا يُقاس عليه لكن مع هذا فهناك أمور أُخرى هنا فلو لاحظنا لفظ الهداية في سورة الأعراف (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {178}) بالياء وقوله في سورة الإسراء (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً {97}) وفي سورة الكهف (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً {17}) بجدون ذكر الياء ولو لاحظنا آيات السور لوجدنا أن لفظ الهداية تكرر في سورة الأعراف 17 مرة وفي سورة الإسراء 8 مرات وفي سورة الكهف 6 مرات. *ما دلالة ذكر وعدم ذكر الياء في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ (97) الإسراء) و(مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف)؟ (د.فاضل السامرائى) المهتدي أطول من المهتدِ. لما يكون أطول يكون فيه هداية أكثر إضافة إلى أمر آخر. نضرب مثالاً: (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف) قبلها قال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) هذا الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هل كان مهتدياً أول مرة أم لا؟ كان مهتدياً لكن كان يحتاج إلى قدر من الهداية أكبر حتى لا ينسلخ لذلك عقّب عليها بـ ﴿المهتدي﴾ لأن الهداية التي كانت عنده ما عصمته من الإنسلاخ فكان يريد هداية أكثر وأطول حتى يرسخ ولا يزل ولا يضل لذلك عقب ﴿فهو المهتدي﴾ مثل قوله تعالى (ذلك ما كنا نبغي). أما في سورة الإسراء ﴿فهو المهتدِ﴾ في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء) هؤلاء من أصحاب النار. ما الذي ينجي من الخلود في النار؟ أن يكون عنده هداية بسيطة (شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقسم من الفروض. كانت تكفيهم قدر بسيط من الهداية يخرجهم من هذا. أما ذاك فكان يحتاج إلى هداية كبيرة حتى لا ينسلخ، أما هؤلاء فتكفيهم هداية قليلة. من الناحية النحوية الإعرابية ﴿المهتدِ﴾ تقدّر الحركة على الياء المحذوفة (فهو المهتد: المهتد خبر مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة). ثم هناك إضافة إلى ما ذكرنا ما نسميه السمة التعبيرية للسورة مثلاً سورة مريم فيها الرحمة من أولها إلى آخرها. لو أخذنا سورة الأعراف وسورة الإسراء والكهف نلاحظ لفظ الهداية تردد في الأعراف أكثر من ما تردد في الإسراء وفي الكهف. في الأعراف 17 مرة وفي الإسراء 8 مرات وفي الكهف 6 مرات أي مجموع ما تردد في السورتين الإسراء والكهف 14 مرة فلما تردد لفظ الهداية أكثر في الأعراف زاد الياء. *مداخلة من إحدى المشاهدات حول ما ذكره الدكتور فاضل في مسألة المهتدي والمهتدِ أن المهتدي هو الذي يهتدي ويسير على هدى الله وهي تكون بمقام إسم الفاعل وفيه الاستمرارية أما في قوله ﴿فهو المهتدِ﴾ من تم له الاهتداء إلى الله تعالى فصار مهتدياً وهنا ينطبق عليه الحديث القدسي (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها) وذلك بدليل ما لحق بالآية ﴿من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً﴾. * (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ (97) الإسراء) بينما في مواطن أخرى وردت (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ (18) البقرة) فما دلالة الاختلاف في الترتيب في آية سورة الإسراء؟(د.فاضل السامرائى) أحياناً يختلف التقديم والتأخير بحسب السياق، في آية البقرة قال (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ (18)) قدّم الصم وفي الإسراء قال ﴿عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا﴾ قدّم العُمي. *البُكم متوسطة في كلتا الآيتين! نعم، وإن كانت في مكان آخر متقدمة. سبب التقديم والتأخير: آية البقرة قوله تعالى (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18)) قدّم الصم. ماذا قال في سياق آية البقرة لما تكلم عن هؤلاء؟ قال (خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ (7)) قدّم السمع على البصر وهنا قدّم السمع على البصر في الآية ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ هذا هو السياق وهو مناسب. في سورة الإسراء نقرأ الآية ثم نضعها في سياقها، آية الإسراء قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)) الأصل في الهداية هداية الطريق وهذه في القرآن مستعملة كثيراً قال (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) الفاتحة) (وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا (12) إبراهيم) (عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ (22) القصص) (وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) النساء) (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (161) الأنعام) (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) الشورى) هذا أصل الهداية. وكذلك الضلال القرآن يستعملها (قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (77) المائدة) (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (1) الممتحنة) (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ (7) القلم) (لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ (30) إبراهيم) (أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) الفرقان) (وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) النساء) (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) الأحزاب) (وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) النساء) (فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً (48) الإسراء) إذن الأصل في الهداية والضلال هداية الطريق أو ضلال الطريق، الأعمى كيف يهتدي إلى الطريق؟ فإذن لما ذكر الهداية والضلال ذكر ما هو أبعد عن الهداية وهو العُمي قال ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا﴾ يحشرهم على وجوههم لا يستطيعون أن يهتدوا للطريق، وعمياً هذا أكثر، إذن هذا أبعد شيء عن هداية الطريق وهم أولى بالضلال. هذا أمر، بعد هذه الآية في الإسراء قال (أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ (99)) فكما عموا عن خلق السموات والأرض فلم يروها عموا في الآخرة. *وقُدّم العمى على ما بعده. ﴿يروا﴾ هنا بمعنى يبصروا أو يعلموا؟ كلها، أحياناً يستعمل ﴿أولم يهد لهم﴾ هنا استعمل ﴿أولم يروا﴾ وإن ذكر ما يدخل به العلم لكن أيضاً مؤدّاه النظر. نلاحظ أيضاً في مسألة السياق، سياق آية الإسراء إلى أن يصل إلى هذه الاية ذكر أموراً تتعلق بالنظر والرؤية قال (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا (91)) كيف يعرفونها؟ إلا بالمشاهدة. (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً (92)) ليس هذا فقط (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ (93)) كيف تقرأ الكتاب؟ بالعين واللسان. فقال ﴿عُمْيًا وَبُكْمًا﴾ البُكم الذي لا ينطق، والصُمّ الذي لا يسمع. الآن القرآءة أنسب شيء هو النظر وينطق الكلمة، ما المناسب لعدمها؟ العمى والبكم فقدّم وقال ﴿عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا﴾. حتى في آية البقرة قال ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ لم يذكر ﴿واو﴾ وفي آية الإسراء قال ﴿عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا﴾. ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ هم جماعة واحدة. * ﴿عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا﴾ الواو هنا للعطف؟ ليس بالضرورة، *يعني جماعة صم وجماعة بكم وجماعة عمي؟ ممكن، قال تعالى (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) طه) إذن هو يتكلم ويسمع. إذن آية سورة البقرة يتكلم كلاماً كله عن المنافقين ، بينما هؤلاء في آية الإسراء تكلم عنهم في آية واحدة فقط بينما في سورة البقرة ذكر آيات. *مجرد وجود الواو كحرف عطف يغيّر الدلالة وينقلها إلى معنى آخر؟ يغيّر الدلالة. تقول هؤلاء شعراء كُتّاب فقهاء، هم جماعة واحدة. هؤلاء شعراء وكُتّاب وفقهاء تحتمل أنهم أكثر من جماعة. *لكن في اللغة إذا قلنا خارج القرآن هو شاعر كاتب أديب أو هو شاعر وكاتب وأديب؟ قلت ﴿هو﴾ دخلت القرينة. *إذن حددنا قرينة سياقية. ربما إذا قلنا هو شاعر وكاتب وأديب نفهم أنهم ثلاثة مثلاً؟ هكذا في الأصل، إحتمال ثلاثة. أحياناً يقدّم الصم، قال تعالى في آية أخرى (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ (36) الأنعام) ثم قال (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ (39) الأنعام) لأنه قال ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ إذن هؤلاء لم يسمعوا فقال في الآخرة أنهم صُمّ لأنهم لم يسمعوا. إنما يستجيب الذين يسمعون والذين لا يسمعون هم صُمّ. *هل لنا أن نقول أن القرآن الكريم يحاول التركيز على البلاغة والبيان فقط؟ العبرة بماذا؟ هل هو متعمد أن يُظهر الجانب البياني والبلاغي؟ هو كل تعبير قرآني مقصود، كل كلمة كل حرف كل تقديم كل تأخير كله مقصود من الناحية البيانية والبلاغية لكن هو هو كله بلاغة؟ لا، لا شك هو تعليمات وأمور ونواهي وعقيدة وما إلى ذلك لكن صاغها بأسلوب معجز، الصياغة بأسلوب معجز . *وهنا كان التحدي؟ هل التحدي في النظم أم في الكلام؟ أكثر المفسرين يقولون أن التحدي في النظم.

ﵟ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ ۖ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﵞ سورة الإسراء - 97


Icon