الوقفات التدبرية

* مرة يقول ربنا تبارك وتعالى من تحتها ومرة يقول من تحتهم ومرة يقول...

* مرة يقول ربنا تبارك وتعالى من تحتها ومرة يقول من تحتهم ومرة يقول تحتها، ما الفرق بينها؟ ومتى تأتي كلمة ﴿عدن﴾؟ (د.فاضل السامرائى) *هل معنى الخلود فترة زمنية غير معروفة؟ ﴿أبداً﴾ أدلّ على ذلك، تأكيد. * أقوى؟ نعم. * هل هناك فرق بين جنات وجنات عدن؟ جنات مطلقة . للمناسبة ربنا يذكر للذين آمنوا وعملوا الصالحات يذكر أحياناً جنات عدن وأحياناً جنات الفردوس أو جنات مطلقة لأن هؤلاء عامة لما قال ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ من أدنى من يفعل ذلك إلى الرسل. الرسل متضمنون في الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأيضاً من هم دونهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى أدنى صورة من صور ذلك. إذن هؤلاء ليسوا درجة واحدة ولكن درجات فقد يكون بعضهم في الفردوس الأعلى وبعضهم فيما دون ذلك، هذه مراتب وكلها تدخل في الذين آمنوا وربنا يذكر كل واحد بحسب درجته لكن هنالك مسألة. ربنا لا يذكر المساكن في الجنة إلا ذكر ﴿عدن﴾ إذا ذكر المساكن (وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ (72) التوبة) إذا ذكر المساكن في الجنة يذكر معها عدن ولعل من أسباب ذلك أن عدن هو الإقامة، عَدَن في المكان يعني أقام. * إذن جنات عدن يعني جنات إقامة ؟ والإقامة تحتاج إلى سكن فقال مساكن. إذا ذكر مساكن يذكر عدن لأن العدن يحتاج إلى إقامة والإقامة تحتاج إلى مساكن. * مرة يقول ربنا تبارك وتعالى من تحتها ومرة يقول من تحتهم ومرة يقول تحتها، ما الفرق بينها؟ إذا كان الكلام على المؤمنين أكثر يقول ﴿من تحتهم﴾ وإذا كان الكلام على الجنات أكثر، إذا كان الاهتمام بالجنات يقول ﴿من تحتها﴾. إذا كان الاهتمام بذِكر المؤمنين في السياق يقول تحتهم وإذا كان الاهتمام بذكر الجنات يقول تحتها. (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) الأعراف) ليس فيها وصف للجنة وإنما كل الكلام عن المؤمنين. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) يونس) الكلام عن المؤمنين وليس عن الجنة. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31) الكهف) الكلام كله عن المؤمنين. (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) الرعد) الكلام عن الجنة، (وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) التوبة) يتكلم عن الجنات فقال ﴿من تحتها﴾. إذا كان الاهتمام بذكر المؤمنين قال من تحتهم وإذا ذكر الجنات قال ﴿من تحتها﴾ * مراعاة الكلام لمقتضى الحال، منتهى البلاغة. مرة يقول ﴿تحتها﴾ بدون ﴿من﴾ ولم يقل من تحتها؟ هذه مرة واحدة قالها، قالها في المهاجرين والأنصار (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) المهاجرون والأنصار ليس معهم الأنبياء، كل المواطن الأخرى في القرآن معهم أنبياء آمنوا وعملوا الصالحات كلهم أما هذه فلم يذكر معهم أنبياء، فكل التي معهم أنبياء قال ﴿من تحتها﴾ أما هذه فقال ﴿تحتها﴾. ﴿من تحتها﴾ لأن ﴿من﴾ ابتداء الغاية، الجريان يبدأ منها، تجري من تحتها بداية الجريان منها. *في سورة التوبة (وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)) وفي الآية (أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)) وفي الآية (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) ما اللمسة البيانية في هذا الاختلاف في نهاية الآيات؟(د. فاضل السامرائي) ﴿هو﴾ ضمير الفصل يفيد القصر والتوكيد، كل ما جاء فيه هو آكد (وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) التوبة) أيضاً في التوبة (أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)) الأولى ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ والثانية ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ بدون ﴿هو﴾ لأنه زاد المساكن الطيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ، فلما زاد النعيم أكّد وحصر. *هنا جاء بالضمير ﴿هو﴾ مناسبة لما ذكر قبلها من النعيم ومن درجات النعيم؟ أكيد. مثال آخر (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الصف) النعيم مختلف. لاحظ هنا قال ﴿وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ﴾ وهناك ﴿بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ إذا أدخلتك في قاعة لا تعني أنك تملكها ، لم يبق لهم أنفس ولا أموال، الجزاء على قدر التضحية لما كانت التضحية أكبر وبيع وشراء أكّدها الجزاء سيكون أكبر ﴿وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

ﵟ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﵞ سورة التوبة - 72


Icon