الوقفات التدبرية

في الآية الأولى )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا...

في الآية الأولى )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا) لو نظرنا في الإعراب: الإشارة ﴿هذا﴾ هو يشير إلى شيء. كلمة ﴿هذا﴾ صارت المفعول الأول لفعل ﴿إجعل﴾ و﴿بلداً﴾ المفعول الثاني و ﴿آمنا﴾ صفته، أي صيّره بلداً إذن لم يكن بلداً إذن هو أشار إلى موضع المكان أو الوادي الذي وصفه في آية أخرى ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ﴾ فاجعل هذا بلداً، ثم وصف البلد بأنه آمن فكلمة ﴿آمنا﴾ ستكون صفة للبلد. هذا كان في أول السُكنى في بداياته: إسماعيل كان قد شبّ حديثاً عن الطوق وبدأ الناس يجتمعون حوله وأمه والماء الذي ظهر فما كان بلداً فكأنه قال: إجعل هذا الموضع بلداً. في الآية الثانية المكان صار بلداً وصار فيه ناس بل أكثر من ذلك جاء إليه من يعبد الأصنام وسكن مع هاجر ولذلك انظر إلى الآية الثانية ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا﴾ صار بلداً. البلد صارت بدلاً من ﴿هذا﴾ المفعول الأول و﴿آمناً﴾ صارت المفعول الثاني يعني جعلتُ البلد آمناً صار المفعول الثاني بعد أن كان صفة في الآية الأولى. ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ معناه أن هناك في البلد من القبائل أو من الأعراب الذين سكنوا مع هاجر كانوا يعبدون الأصنام فلا يريد أن ذريته يتأثرون بهؤلاء فإنصب الطلب على الأمن ودفع عبادة الأصنام. ليس هذا فقط ولكن انظر إلى رحمة الله سبحانه وتعالى في الآية الأولى أنه رب العالمين مؤمنهم وكافرهم يرُبّهم ويرعاهم لكن يُثيب المحسن يوم القيامة ويعاقب المسيء. إبراهيم  أراد الرزق للمؤمنين ﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾ فبِمَ أُجيب؟ ﴿قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِير﴾ حتى الكافر.

ﵟ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﵞ سورة البقرة - 126


Icon