الوقفات التدبرية

*(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ (155)...

*(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ (155) البقرة)ما دلالة كلمة شىء؟ لاحظ كيف جاء الله تعالى بكلمة ﴿بشيء﴾ فقال ﴿بشيء من الخوف والجوع﴾ ولم يقل لنبلونكم بالخوف والجوع وفي ذلك لفتتان جميلتان: الأولى أنه ذكر كلمة شيء قبل الخوف فيه تخفيف من وقع هذا الخبر المؤلم للنفس فلا أحد يرغب أن يكون خائفاً أو جائعاً فخفف الله تبارك وتعالى عنا هذا الخبر أن الابتلاء يكون بشيء من الخوف والجوع وليس بالخوف كله أو بالجوع كله. والثانية إشارة إلى الفرق بين الابتلاء الواقع على هذه الأمة المرحومة وبين ما وقع من ابتلاء على الأمم السابقة فقد سلّط الله تعالى الخوف والجوع على أمم قبلنا كما أخبرنا في قوله تعالى (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112) النحل) ولذا جاء هنا بكلمة ﴿بشيء﴾ وجاء هنالك بما يدل على الملابسة والتمكن وهو أنه استعار لها اللباس اللازم مما يدل على تمكن هذا الابتلاء فيها وعِظَم وقعه عليها وقد خُفِّف عنا والحمد لله. (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) البقرة) انظر في لطائف القرآن كيف أسند البلوى لله سبحانه وتعالى دون واسطة الرسول  فقال ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ وأسند البشارة بالخير الآتي من قِبَل الله تعالى إلى الرسول  فقال ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ تكريماً لشأنه وزيادة في تعلّق المؤمنين به  بحيث تحصل خيراتهم بواسطته دون أن يصيبهم أي مكروه بسببه .

ﵟ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﵞ سورة البقرة - 155


Icon