الوقفات التدبرية

آية (27): * ما دلالة الخطاب بـ (يا أيها الناس) في الحج (وَأَذِّن فِي...

آية (27): * ما دلالة الخطاب بـ ﴿يا أيها الناس﴾ في الحج (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ (27) الحج) (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا (97) آل عمران) بينما الخطاب في الصلاة وغيرها بـ ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾؟ الحج يختلف عن كل العبادات. لما قال تعالى ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ هذه دعوة للناس أجمعين للدخول في الإسلام بخلاف ما لو قال صلّوا أو صوموا. دعوة لجميع الناس للدخول في الإسلام، كيف؟ الصلاة الصيام والزكاة الديانات مشتركة فيها. وكفار قريش كانوا يصلّوا (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (35) الأنفال) فلو قال صلّوا لقالوا إنما نصلي ولو قال زكّوا لقالوا إننا نزكّي ولو قال صوموا لقالوا إننا نصوم، إذن هذه الدعوات لو قالها لا تكون دعوة للدخول في الإسلام بخلاف الحج. لم يكن أهل الكتاب من النصارى واليهود يحجون إلى بيت الله الحرام. فلما قال تعالى ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ معناها كلٌ مدعوون للدخول في الإسلام لأن هذه العبادة الوحيدة التي لم تكن عند أهل الكتاب. هم كانوا يصلّون ويصومون ويزكّون إلا الحج فلم يكونوا يحجون لمكة. ولذلك هذه دعوة للدخول في دين الله. الحد يختلف عن بقية العبادات لأن بقية العبادات موجودة. إذن هو دعوة للدخول في الإسلام وإقامة هذه العبادة. * ما دلالة تأنيث ﴿يأتين﴾ في قوله تعالى (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج) ولماذا لم تأتي يأتونك؟ أولاً ذكر تعالى في الآية قسمين :  رجالاً أي مشاة يمشون على أرجلهم وليس بمعنى رجال عكس النساء.  على كل ضامر: أي الركبان على كل ضامر. والضامر هي المهزولة من التعب والسفر من كل فج عميق ولذا تناسبت كلمة ضامر مع فج عميق للدلالة على التعب والسفر الطويل الذي جعل الإبل مهزولة. فالمعنى أن يأتوك مشاة ويأتوك ركباناً على كل ضامر وهذه الإبل يأتين من كل فج عميق ﴿يأتين﴾ وصف لما يُركب وعادة تكون الإبل في المسافات الطويلة وليس للنساء. فيأتين تعود على كل ضامر ولا تعود على نساء أو غيرهم. فرجالاً تعني مشاة على أرجلهم وركباناً (على الحيوانات الضامرة التي تأتي من كل فج عميق). * ما دلالة "من كل فج عميق"ولم يقل فج بعيد؟ أصلاً الاختيار لكلمة فج وكلمة عميق هو أنسب للضمور الذي هو الهُزال ﴿وعلى كل ضامر﴾. نقف مع الآية: رجالاً أي يمشون على أرجلهم وركباناً على كل ضامر (بهائم ضامر) وهذه الضمائر تأتي من كل فج عميق،هذه الحيوانات الضامرة تأتي من كل فج عميق. اختيار كلمة عميق أنسب مع الضمور لأن أصل الفج في اللغة الطريق في الجبل وطبعاً لا شك أن السير في الطريق الجبلي أدعى للضمور. عميق نقيض العلو والارتفاع، السير في طريق مستوي أيسر من السير في طريق فيه علو وارتفاع، إذن السير في طريق مرتفع يؤدي إلى الضمور. إذن عميق أدعى إلى الهزال والفج أدعى إليه أيضاً. ليس هذا فقط وإنما الحج هو رفعة وعلو أصلاً عند الله لأنه مدعاة إلى مغفرة الذنوب معناها السائر إلى طريق الحج يرتفع عند الله منزلة وكلمة فج وعميق أنسب من بعيد وبينهما مناسبة لأن كونه يأتي من فج عميق فهو ضامر وعميق أنسب مع الحج لأنها ارتفاع والحج ارتفاع وكلمة بعيد لا تعطي هذا المعنى قطعاً. *كلمة ضامر في الآية (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج) ما معناها وما مضمونها؟ وما اللمسة البيانية في ﴿فج عميق﴾؟ الضامر المهزول من السفر، ما يُركب من الحيوانات وعادة الإبل إذا ركب أحدهم عليها فستكون مهزولة من كثرة السفر الطويل خاصة أنها ﴿مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ وذكرنا سابقاً أنه قال عميق ولم يقل بعيد لأن الارتفاع أصعب من مجرد البعد في الأرض المستوية، قال من كل فج عميق وإن كان المقصود به البعد لكن كلمة العمق أدل على المشقة حتى كلمة فج أشق من كلمة طريق لأن كلمة فج أصلها طريق في الجبل. فج هي طريق وعر في الجبل والجبل فيه صعود ونزول، فإذن فج وعميق كلها تدعو إلى الضمور، إضافة إلى أن الحج إرتفاع عميق، الحج إليس إرتفاعاً إلى الحسنات ورفعة في المقام فـ ﴿يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ يصعدون إلى الأعلى يصلون إلى مكانهم فكلمة ﴿عميق﴾ أنسب من كل ناحية من كلمة بعيد. والضامر هي الإبل أو كل ما يُركب من الدواب الطائفة الهزيلة من السفر. وقوله ﴿رِجَالًا﴾ يعني يمشون على أرجلهم وهي جمع راجل أي الذي يمشي على رجليه. (يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) يأتون إما رجالاً أو على كل ضامر ركباناً والكل يأتي من كل فج عميق. وقال ﴿يَأْتِينَ﴾ للدواب الإبل تأتي من كل فج عميق يعني مسافة طويلة، القريب يأتي مشياً والبعيد كيف يأتي مشياً؟ ﴿يَأْتُوكَ رِجَالًا﴾ هذا قسم و(وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) يأتوك مشاة وركباناً. سؤال: كنا نفهم (يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) هؤلاء صنفان الصنفان يأتين من كل فج عميق فهل نقول يأتون؟ لو كان لكان غلّب الرجال بينما قال ﴿يَأْتِينَ﴾ يعني للدواب. * كلمة ضامر البعض فسرها على أنه الدابة لكن البعض يقول هذا قصور في التفسير لأنها لا تشمل وسائل النقل الحديثة؟ نسأل هذا الخطاب لمن؟ طبعاً (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)) إذن الخطاب لسيدنا إبراهيم، ماذا قال يأتوك أو يأتوه؟ يأتوك. إذن يأتوك يعني يأتوا لإبراهيم وليس للبيت، ماذا كان هناك من وسائل يأتوك؟ الجِمال، لا يوجد شيء آخر. لم يقل يأتوه حتى نطلب أنه يشمل الآلات والطائرات، لم يقل يأتوه وإنما قال يأتوك. (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا) كيف يأتون؟ إما ماشين وإما راكبين. *ما معنى ضامر؟ الجمل الذي أنهكه السفر. *لا تعني الحصان مثلاً؟ على أي دابة جعله صفة عامة. *(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا) لماذا رجالاً وليس نساءً؟ رجالاً يعني يمشون على أرجلهم. الفُلك لا تصل البيت لأنها ليست على بحر حتى تأتيها الفلك. *الذي كان معروفاً وقتها؟ لا، حتى الآن. *الآن هناك طائرات وسيارات ! نعم لكن لم يقل يأتوه وإنما قال يأتوك.

ﵟ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﵞ سورة الحج - 27


Icon