الوقفات التدبرية

آية (40): * ختمت الآية فى سورة الحديد بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ...

آية (40): * ختمت الآية فى سورة الحديد بقوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ وفي سورة الحج ﴿إن الله لقوي عزيز﴾ ما اللمسة البيانية بين الآيتين؟ ذكرنا أنه ختم قوي عزيز ليبين أنه غير محتاج لمن ينصره وربنا قوي عزيز لكن حتى يتعلق به الجزاء. الذي يحدد هو السياق لو نظرنا في سياق آية الحج قال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)) هذه الآية في سياق الإذن للمؤمنين بالجهاد ﴿وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ ثم وعدهم بالنصر المؤكد ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ اللام لام القسم والنون للتوكيد قسم وتوكيد فصار مؤكداً. هنا من الذي ينصر؟ الله سبحانه وتعالى. في الحديد قال ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ هناك المؤمن هو الذي ينصر الله ووفي الحج الله تعالى هو الذي ينصر المستضعفين. إذن آية الحديد فيمن ينصر الله ﴿وليعلم الله﴾ هنا ربنا هو الذي ينصر ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ من الأقوى الناصر أو الذي يُنصر؟ الناصر أقوى. إذن آية الحج قطعاً تحتاج لتوكيد ولا يمكن أن يكونا سواء في واحدة ذكر من ينصر الله والثانية ذكر أن الله تعالى هو الذي ينصر الناصر هو أقوى ولهذا قال ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ لا يمكن أن يكونا سواء وهذا ميزان في التعبير. (إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (17) الحج) (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (25) السجدة) لفظ الرب ورد في السجدة أكثر مما وردت في الحج ولفظ الله في الحج ورد أكثر مما ورد في السجدة، لفظ الله في الحج ورد 75 مرة وفي السجدة مرة واحدة، لفظ الرب في السجدة 10 مرات وفي الحج 8 مرات، هناك فرق كبير بين آيات الحج والسجدة. الآن نأتي إلى الرحمة نجد أن الرحمة شاعت في سورة مريم سياق السورة والسمة التعبيرية الرحمة . والتقديم في القرآن الكريم وفي اللغة لا يفيد التفضيل دائماً كما في قوله تعالى في سورة الحج(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {40}) مساجد هي أفضل المذكور في الآية لكن أحياناً يُقدّم ما هو أقل تفضيلاً لأن سياق الآيات يقتضي ذلك، وكذلك نرى في ذكر موسى وهارون في القرآن فأحياناً يُقدّم موسى على هارون وأحياناً هارون على موسى وهذا يكون بحسب سياق الآيات.

ﵟ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﵞ سورة الحج - 40


Icon