الوقفات التدبرية

آية (64): * يرد في القرآن أحياناً قوله تعالى (ما في السموات والأرض)...

آية (64): * يرد في القرآن أحياناً قوله تعالى (ما في السموات والأرض) وأحياناً (ما في السموات وما في الأرض) فما الفرق بينهما؟ له أكثر من غرض، من ذلك قد يكون الموضع موضع تفصيل لأنه أحياناً قد يكون الغرض تفصيل أو قد يكون الإيجاز، تبسط وتفصيل في الكلام ومرة يكون إيجاز. الذي يتحكم في الاستطراد والتفصيل والإيجاز هو الغرض وما يحتاجه المخاطَب، وماذا يريد المتكلم أن يوصل للمخاطب؟ فإذا أراد ربنا أن يفصل في الأمر يأتي بـ ﴿ما﴾ (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) طه) (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) سبأ) بخلاف (وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا (52) النحل) موجزة بينما الايات الأولى مفصلة هو أراد أن يفصل سبحانه وتعالى ماذا له؟ مدى علمه مدى سعة قدرتة؟. وقد يكون يتوسع لغرض التوكيد أحياناً، على سبيل المثال (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) الحج) لاحظ التوكيد (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) لقمان) لما كان القصد هو بيان أن الغنى أكثر جاء بـ ﴿ما﴾ وأكّد جاء بالواو قال ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ هذا من جملة غِناه، لو هذب هذا فإن الله هو الغني الحميد، إذن هذا من جملة ما يملك. بينما في آية أخرى قال (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) لقمان) دلّ المُلك على غناه لم يقل من جملة ما يملك. حتى التوكيد هناك قال ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ توكيد بـ إنّ واللام، وفي الآية الأخرى قال ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد﴾. لاحظ السياق، لما أراد أن يبين سعة الغنى فصّل بـ (ما في السموات وما في الأرض) وجاء باللام. قال (قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ (68) يونس) (وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) النساء) هو الغني أو غني أيها الأغنى؟ هو الغني. فلما قال له ما في السموات وما في الأرض قال هو الغني ولما قال له ما في السموات والأرض قال غني. وللدلالة أيضاً على سعة قدرته (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) الشورى) (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ (5) الشورى) على إحاطة الله بالأمور (وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (109) آل عمران) الإحاطة المطلقة فذكر ﴿ما﴾ بحسب السياق.

ﵟ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﵞ سورة الحج - 64


Icon