الوقفات التدبرية

* في سورة الحج (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ (72)) وفي...

* في سورة الحج (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ (72)) وفي المائدة (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ (60)) متى تأتي الهمزة ومتى تأتي ﴿هل﴾ في صيغة الإستفهام؟ متى يكون السؤال بالهمزة ومتى يكون بـ﴿هل﴾؟ ﴿هل﴾ أقوى في الاستفهام من الهمزة وآكد بدليل أنها قد تصحبها ﴿من﴾ الاستغراقية (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (3) فاطر) أما الهمزة فلا تصحبها ﴿من﴾، (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) القمر) (فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا (53) الأعراف) الهمزة لا تصحبها ﴿من﴾. ﴿من﴾ هنا إستغراقية مؤكدة مما يدل على أن ﴿هل﴾ آكد من الهمزة. الآن نأتي للآيتين، فإذن إذا كان آكد فلماذا هنا استعمل الهمزة وهنا استعمل هل مع أنه قال ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُم﴾ و ﴿أَفَأُنَبِّئُكُم﴾؟ لا شك أن سياق الآيات يوضح هذا الأمر. إحداهما في الحج والأخرى في المائدة. قال في الحج ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ لم يفعلوا شيئاً وإنما يكادون فقط، ﴿قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾. ننظر الآن في المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ (57)) اتخذوا دينكم هزوا، يعني فعلوا، (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)) فعلوا، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)) ويستمر في ذمّهم. إذن أيُّ الموقفين أقوى؟ في المائدة، فعلوا وصفهم بالفسق واتخذوا الصلاة هزواً ولعباً، عبدوا الطواغيت، مسخ منهم القدرة والخنازير. أيّ واحد عنده معرفة باللغة ويعرف أن هذه أقوى من هذه أين سيضع ﴿هل﴾ والهمزة؟ يضعها هكذا كما جاءت. هذا قانون بلاغي. *مع أنه مرة يستخدم الهمزة كما في قوله (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21)) هذا أمر جلل لله سبحانه وتعالى؟ لا، نحن نقول أقوى. هل والهمزة استفهام لكن الاستفهام يخرج أحياناً إلى معاني كثيرة. الاستفهام ليس لطلب الفهم دائماً يتعلق به معاني أخرى للتعجب والنفي وأشياء كثيرة.

ﵟ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﵞ سورة الحج - 72

ﵟ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﵞ سورة المائدة - 60


Icon