الوقفات التدبرية

* ما الفرق بين أنزلنا ونزّلنا في آيتي سورة الأنعام (وَلَوْ...

* ما الفرق بين أنزلنا ونزّلنا في آيتي سورة الأنعام (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (7) وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ (9))؟(د.فاضل السامرائى) السؤال عن آيتين متصلتين في سورة الأنعام قال تعالى في الأولى ﴿نزّلنا﴾ وفي الثانية ﴿أنزلنا﴾، قال تعالى (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (7) وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ (9)). عندنا نزّل ﴿فعّل﴾ وأنزل ﴿أفعل﴾، نزّل أهم وآكد - خاصة في الاستعمال القرآني- من أنزل كما يستعمل القرآن وصّى وأوصى: يستعمل وصّى في أمور الدين وأوصى في أمور الدنيا (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الأنعام) (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) البقرة) (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا (8) العنكبوت)، أوصى في أمور الميراث (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11) النساء) لم تأت أوصى في أمور الدين إلا في موطن واحد اجتمعت الصلاة والزكاة (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم). كرّم وأكرم: كرّم أوسع من أكرم، وذكرنا مرة الفرق بين استعمال نجّا وأنجا. إذن ﴿نزّل﴾ سيكون معناها أهمّ من ﴿أنزل﴾، كيف تكون أهمّ؟ ولماذا غاير بين الصيغتين؟ قال تعالى ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾ تنزيل القرطاس يوحي بصورتين: إما أن ينزل القرطاس وحده من السماء ثم يأتي إلى يد الرسول وإما أن ينزل به ملك ثم يسلمه للرسول. إذن تنزيل القرطاس وحده أعجب، أن ينزل القرطاس من السماء ثم يأتي بنفسه ليد الرسول عجيب، الملك عاقل. ﴿وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا﴾ سيكون أمرين: قرطاس وحده عجيب أن ينزل أو ينزل به ملك ، أهمّ وآكد من إنزال ملك وحده إذن كيفما أخذناها ستكون أعجب ثم قال ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ﴾ تنزيل القرطاس أمر ظاهر أما الملك فكيف يرونه؟ تنزيل القرطاس أهمّ وآكد وأغرب من تنزيل الملك لذا قال نزّلنا وأنزلنا. *ما الفرق بين المعنى هنا وقوله تعالى فى سورة الإسراء ﴿وبالحق أنزلناه وبالحق نزل﴾؟ الفرق ليس في المرتبة، هنا عندنا فعل أنزل ونزل، أنزل فعل متعدي ونزل فعل لازم (نزل من تلقاء نفسه). وهناك فرق بين أنزل ونزّل، قسم يقولون أنزل أي كله جملة واحدة ونّزل منجماً لكن قسم من النحاة ردوا على هذا القول وقالوا ربنا تعالى قال (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان). وقسم قالوا أنزل عام ونزّل خاص. قسم قالوا عموماً أنزل يكون لما أُنزل جملة واحدة ونزّل بالتدريج ولذلك قالوا أنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا دفعة واحدة. يقولون الإنزال عام لا يخص التدرج أو غير التدرج لكن التنزيل هو الذي يخص التدرج، نزّل الذي فيه التدرج (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) القدر) أنزلناه من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، هناك مراحل لنزول القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل منجماً. لكن الذي يبدو أن الفرق بين نزّل وأنزل أنه نزّل تفيد الاهتمام نظير وصى وأوصى وكرّم وأكرم ففي المواطن التي فيها توكيد واهتمام بالسياق يأتي بـ ﴿نزّل﴾ والتي دونها يأتي بـ ﴿أنزل﴾. إذن نزّل آكد وأقوى في موطن الاهتمام أشد من أنزل. *ما الفرق بين ﴿أنزل إليه﴾ و﴿أنزل عليه﴾؟(د.فاضل السامرائى) ﴿على﴾ أقوى من ﴿إلى﴾ وتأتي ﴿على﴾ في الغالب في العقوبات (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) الذاريات) وفيها معنى الاستعلاء هي استعلاء ولذلك كان فيها معنى الشدة والقوة، أما ﴿إلى﴾ فليست كذلك وإنما تفيد منتهى الغاية فقط. ربنا لما يقول مرة ﴿لولا أنزل عليه ملك﴾ ﴿لولا أنزل إليه ملك﴾ نلاحظ أن السياق يختلف وهناك فرق بين إليه وعليه، قال تعالى(وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ (8) الأنعام) فيها تهديد، (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) الفرقان) ليس فيها تهديد. الأقوى ﴿على﴾ إذن نزّل أقوى من أنزل وعلى أقوى من إلى.

ﵟ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﵞ سورة الأنعام - 7


Icon