الوقفات التدبرية

*(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا (93)) انظر...

*(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا (93)) انظر إلى هذا الأسلوب في الرد على المفترين ونفي مزاعمهم فقد استخدم ربنا أسلوب الاستفهام فما دلالة هذا الإستفهام؟﴿ورتل القرآن ترتيلاً﴾ إنه استفهام إنكاري يفيد النفي وكأن الآية تقول لا أحد أظلم من هؤلاء. وإنما ابتدأ الله هذا الرد بالاستفهام دون النفي المباشر لما لأسلوب الاستفهام من رسم صورة الحوار فتبعث في النفس أن سائلاً سأل والكل رفض الدعوة. (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ (93)) نقف عند هذا المشهد المهيب مشهد الظالمين وهم يرون تبعة أفعالهم ونفوسهم تعتلج بالخوف وكذلك عبّر الله عن هذا الألم وهذه الشدة بقوله ﴿فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ والغمرة هي ما يعم ويغمر فلا يترك للمغمور مخلصاً. تخيل ذاك الإنسان وقد أحاطت به أمواج متلاطمة من كل إتجاه كيف تكون نفسه وجلة حين يغمره الوادي أو السيل. وهذا هو شأن الظالم وهو مغمور بذنوبه التي ارتكبها فلا منجى منها ولا خلاص. (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ (93)) ولا أدل على ذلك من قوله تعالى ﴿غمرات﴾ ألا تر أنه جمع الغمرة مع أن الكلام يتم بالإفراد ﴿في غمرة الموت﴾ ولكن هذا الجمع أُتي به للمبالغة في تهويل ما يصيبهم من أصناف الشدائد وألوانها وأنواعها.

ﵟ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﵞ سورة الأنعام - 93


Icon