الوقفات التدبرية

آية (145): * (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) (وَمَا أُهِلَّ بِهِ...

آية (145): * ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ﴾ ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ﴾ ما دلالة التقديم والتأخير؟ وما اللمسة البيانية الموجودة في هذه الآيات؟ في آيتي المائدة والأنعام ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ﴾ وفي البقرة ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ﴾. (مَا أُهِلَّ بِهِ) يقصد به البهيمة ما رُفع الصوت بذبحه. تبقى الآن كيف حصل التقديم والتأخير؟. في الأنعام والمائدة قال ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ﴾، المقام في الأنعام في الكلام على المفترين على الله كانوا يشرِّعون بإسم الله، يفترون، يحللون ويحرّمون (وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (136)) هؤلاء هم يشرّعون، (وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (138)) فإذن هنالك من يفتري على الله ويحلِّل ويحرّم بإسمه وهو مفترٍ فقال ربنا ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ﴾ يعني إبطال هؤلاء هذه المعبودات قدمّ لغير الله لأن هذه معبودات باطلة تفتري وتحلل وتشرِّع باسمه مفترية عليه فقدّم ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ﴾ ﴿به﴾ مقصود به الذبيحة. وكذلك في المائدة في المائدة التحريم جعله الله سبحانه وتعالى بيده ورفض أي جهة أخرى أي جهة تحلل وتحرم فهي مرفوضة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) المائدة) (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3)) إذن لغير الله أي جهة مرفوضة. البقرة ﴿به لغير الله﴾ لأن السياق عن الطعام والرزق وليس لهذه الجهات، قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً (168) البقرة) بعدها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173) البقرة) كلها في سياق الأطعمة ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ﴾ يعني الذبائح فهي كلها في سياق الأطعمة وليس في سياق المفترين. لما كان المقام في الرزض والطعام قدّم ما أُهلّ به ولما كان الكلام على المفترين ومن يحلّل قال لغير الله. *ما الفرق بين الفسق والفسوق ؟ (د.فاضل السامرائى) القرآن الكريم من عادته أن يفرق في الاستعمال بين الفسق والفسوق، ليس في اللغة وإنما هذا التفريق من خصوصية الاستعمال في القرآن. القرآن من عادته أن يفرق بين الخسر والخسران والخسار ويفرق بين المغفرة والغفران ويفرق بين الفسق والفسوق. الفسوق من فسقت الرُطَبة خرجت من قشرتها لكن الملاحظ أن الفسق ورد في سياق الأطعمة وخاصة في الذبائح لم ترد كلمة الفسق إلا في الذبائح (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ (3) المائدة)، سياق الأطعمة (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (145) الأنعام) (وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ (121) الأنعام) أما الفسوق فهو عامّ (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ (197) البقرة) (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7) الحجرات) إذن الفسوق أعمّ كأنه لما كان البناء أطول ﴿فسوق﴾ من ﴿فسق﴾ جعله أوسع يعني ناسب بين بناء الكلمة والدلالة.

ﵟ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﵞ سورة الأنعام - 145


Icon