الوقفات التدبرية

آية (94): *انظر آية (67). * (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ...

آية (94): *انظر آية (67). * (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) هود) وفي موقع آخر (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) هود) ما الفرق بين أخذ وأخذت ودارهم وديارهم؟ هنالك التذكير أخذ وأخذت. في سورة هود في قصة قوم صالح قال تعالى (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (68))، في قصة شعيب قال (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)) لو لاحظنا قال في صالح ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ لم يقل في قوم شعيب ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ والخزي مذكّر فإذن هذا أنسب للتذكير ﴿أخذ﴾ ستكون الصيحة هنا بمعنى الخزي مع سيدنا صالح. هذا أمر وعندنا من الملاحظ أن التذكير في العقوبات أقوى من التأنيث، يعني المفروض أنه أخذ الذين ظلموا الصيحة أشد من وأخذت الذين ظلموا الصيحة كيف؟ قال أولاً ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ ولم يقلها في قوم شعيب، وقال ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ القوة والعزة مع قوم صالح ولم يقلها في شعيب والأمر الآخر قال ﴿أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾ ولم يذكرها في قوم شعيب. إذن نلاحظ أنه ذكر الخزي والخزي مذكر وذكر ربنا تعالى وصف القوة ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ ثم ذكر أمر آخر سيء في قوم صالح وهو ﴿أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾ أما في شعيب ما قال كفروا ربهم قال ﴿ألا بعداً لمدين﴾ إذن هنالك صفات في قوم صالح أشد فإذن تذكير الفعل مع قوم صالح أشد وهو أنسب مع قوله ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾. من حيث اللغة يجوز تذكير وتأنيث الفعل أولاً لأن الصحة مؤنث مجازي والمؤنث المجازي يجوز تذكيره وتأنيثه هذا من حيث اللغة ليس فبها إشكال لكن السؤال لماذا اختار التذكير في موضع والتأنيث في موضع؟ هذا السؤال أما من حيث اللغة ليس فيه إشكال وحتى الفواصل واحدة ﴿الذين ظلموا﴾ هذه التي تفصل بين الفعل والفاعل حتى لو كان مؤنثاً حقيقياً يجوز تذكيره. *ما الفرق بين كلمتي ﴿دارهم﴾ و﴿ديارهم﴾ من الناحية البيانية في القرآن الكريم ؟ الصيحة هي أشمل وأهمّ من الرجفة ويبلغ مداها أكثر من الرجفة فأنت تسمع صوتاً لم تكن فيه كانفجار أو زلزال يحصل في مكان لكن الصوت يُسمع في مكان آخر لذا فإنها تُصيب عدداً أكبر وتبلغ أكثر من الرجفة والمعلوم أن الصوت يمتد أكثر من الرجفة ولهذا فهي تؤثر في ديار عديدة لذا جاء استخدام كلمة ﴿ديارهم﴾ مع الصيحة كما في الآية 67 والآية 94 في سورة هود ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ ﴿وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ ، أما الرجفة فيكون تأثيرها في مكانها فقط لذا جاء استخدام كلمة ﴿دارهم﴾ مع الرجفة كما في قوله في سورة الأعراف ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ آية 78 و91 ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ وكذلك في قوله تعالى ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ سورة العنكبوت آية 37 .ولم ترد في القرآن كلمة ديارهم إلا مع العذاب بالصيحة ولم ترد كلمة ﴿دارهم﴾ إلا مع العذاب الرجفة. وهذا عائد إلى طبيعة العقاب الموجود.

ﵟ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﵞ سورة هود - 94


Icon