الوقفات التدبرية

آية (103) : * في قوله تبارك وتعالى (إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً...

آية (103) : * في قوله تبارك وتعالى (إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)يس). لماذا جاء بلفظ ﴿جميع﴾ في هذه الآية وليس مجموع كما جاء في سورة هود (ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ (103) هود) ؟ كلمة ﴿جميع﴾ تكون بمعنى مجموع وقد تكون بمعنى مجتمِع (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44) القمر) يعني مجتمعون، (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) الشعراء) يعني مجتمعون. وقد تأتي بمعنى مجموعون. ومعناها مجموعون لأنه قال ﴿فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ يعني مجموعون. ﴿محضرون﴾ فيها صفة الجمع أيضاً. نعم. كلمة ﴿جميع﴾ على وزن فعيل بمعنى مفعول مثل قتيل وجريح وطريد وكسير وأسير. هذا الصيغة (فعيل) لا تقال إلا لمن وقع عليه الفعل. يعني ما يقال جريح إلا لمن جُرِح، مجروح ليس بالضرورة يحتمل أن تقال لمن وقع أو لمن سيقع عليه الفعل. قتيل يعني مقتول لكن مقتول ليس بالضرورة (إني مقتول من يومي هذا) (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا (102) الإسراء) لم يحصل بعد، يعني ستُثبر. ﴿مفعول﴾ لمن وقع عليه الفعل أو من سيقع عليه أما (فعيل) لمن وقع عليه الفعل تحديداً. هذا الفرق بين فعيل ومفعول. يبقى اختيار كل تعبير في مكانه ﴿إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ يتكلم عن أمر واقع (فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51)) إذن الأمر واقع، إذن جميع يعني مجموعون لا تعني سيجمعون. بينما في آية هود في الدنيا (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ (104)) ما جاء بعد، (يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)) لا يمكن أن يستعمل كلمة جميع هنا لأن الأمر لم يقع. بينما في آية يس يتكلم أن الأمر واقع (نفخ في الصور، إن كانت إلا صيحة واحدة) فلذلك استعمل جميع وليس مجموع.

ﵟ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﵞ سورة هود - 103


Icon