الوقفات التدبرية

آية (35): * (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ...

آية (35): * (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) الأحزاب) ما دلالة الترتيب في الآية؟ وهل هناك لمسة بيانية تربط بين الصفات؟(د.فاضل السامرائى) هو بدأ بالمسلمين والمسلمات لأن الأعمال التي ذكرها بعدها لا تقبل إلا بشرط الإسلام، إذن بدأ بما هو شرط وكل الأعمال الأخرى لا تقبل، لم يبدأ بالمؤمنين والمؤمنات بدأ بالإسلام وهو الذي يعصم الدم، الإيمان قد لا تعرفه قد يكون منافقاً لكن الإسلام يعصم الدم فبدأ به. كل الصفات الأخرى أصحاب الديانات ممكن أن تدعي أنها تفعلها. دع المسلمين، كل أصحاب الديانات قد يقولون نحن مؤمنين، نحن صابرين إلا الإسلام مجرد أن يدخل الإسلام يقول أشهد أن لا إله إلا الله. كل أصحاب الديانات يمكن أن تدعي أنها تفعل هذه الصفات هذا لا يمكن المسلم دخل في دين الإسلام. إذن بدأ بهذا الإسلام الذي يعصم الدم ويحفظ الفروج والبقية الأخرى تأتي بعده. ثم جاء بالإيمان ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ الإيمان باطن وهو صفة أيضاً لكنه أمر باطني. نلاحظ أنه انتهى بالذكر ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ لأن هذا يشمل جميع العبادات يعني كل العبادات ما ذكر من الصفات إن لم يكن معها ذكر لله غير مقبولة. كل ما ذكره يحتاج لذكر الله فإن لم يكن معها ذكر لله لا تُقبل فإذن هو يشمل كل هذا بالنسبة لكل ما ذكر ينبغي أن يكون هناك ذكر لله. فإذن هذا هو الذي يحفظها كلها يجعلها طاعة أو غير طاعة. * هل ﴿كثيراً﴾ شرط ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾؟ أن يذكره في كل أمر حتى تكون نية، حتى تكون عبادة. كل عمل تنوي به وجه الله سيكون عبادة حتى لو كان أمراً عادياً فإذن هذا ذكر الله والنية الصادقة يحولك الأعمال العادية إلى عبادات ولذلك هو جعلها في الخاتمة لأن كل الأعمال التي قبلها تحتاج إلى هذا الذكر. نلاحظ أمراً آخر لو نظرنا في الآية قبل المتصدقين والمتصدقات ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾ هذه الصفات كلها مطلوبة من جميع المسلمين بلا استثناء. الإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع .. كل هذا مطلوب من جميع المسلمين أما المتصدقين فلا قد يكون واحد لا يملك، والصائمين لا فقد يكون واحد عنده عذر، أما تلك ليس فيها عذر. ولذلك نلاحظ الصفات تلك كلها مطلوبة من جميع المسلمين بلا استثناء. والحافظين فروجهم متعلقة بالصائمين لأن الصائم عليه أن يحفظ فرجه فإن لم يحفظ فرجه فليس صائماً فمن الطبيعي أن تأتي بعدها. هذا الترتيب هو الأمثل بدأ بالمسلمين هو الذي يعصم الدم ولا تقبل الأعمال كلها إلا بالإسلام وما بعدها كلها يدعيه أصحاب الديانات إلا الإسلام. * هل تقديم جمع المذكر على المؤنث فيه دلالة محددة؟ العرب هكذا أولاً تخاطب المذكر وتعني الإناث،أساساً في اللغة يغلِّب المذكر حتى في المخاطبة لو خاطب الإناث تقول إناث ولو خاطب الذكور لا. لا تخاطب الإناث وتقصد الرجال من باب التغليب ، لا، التغليب الذكور وليس الإناث لما يقول مؤمنين يشملهم حتى لو لم يذكرهم.إذا قال المؤمنات؟ تحديداً يقصد المؤمنات. ولذلك قال تعالى (وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) التحريم) ما قال من القانتات التغليب للمذكر أظن هذه الاية بعض النساء قلن لماذا لم يذكرنا ربنا سبحانه وتعالى؟ فأنزل هذه الاية يذكرهم لأنه يذكر المسلمين ويعني معهم المسلمات جرياً على نهج اللغة العربية، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ (183) البقرة) لم يقل كتب عليكن الصيام، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم (254) البقرة) هل يعني ما تنفق النساء إذا عندهن زكاة؟! لكن ما يقول انفقن ما يتعلق بالنساء يُفرده. * تكلّم نساء النبي صلى الله عليه وسلم لِمَ لم يكلمنا فأنزل الله تعالى هذه الآية؟ فأنزل هذه الآية. *ما الفرق بين كلمة ﴿المصّدقين﴾ و﴿المتصدقين﴾؟ (د.فاضل السامرائى) قال تعالى في سورة الحديد (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ {18) وقال في سورة الأحزاب (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً {35}‏) وفي سورة يوسف (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ {88}). الأصل في كلمة المصّدقين هي المتصدقين وأُبدلت التاء إلى صاد مثل تزمّل ومزّمل وتدثّر ومدّثّر يجوز إبدال التاء مع الدال والصاد. لكن لماذا أبدل في آية سورة الحديد ﴿الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ﴾؟ كلمة المصّدّقين فيها تضعيفان تضعيف في الصاد وتضعيف في الدال أما المتصدقين ففيها تضعيف واحد في الدال والتضعيف يفيد المبالغة والتكثير مثل كسر وكسّر. إذن المصّدّقين فيها للصدقة والتكثير فيه من حيث المعنى العام. ونأتي للسؤال لماذا ذكر ﴿المصّدّقين﴾ في آية سورة الحديد بينما استخدم المتصدقين في سورتي الأحزاب ويوسف؟ في سورة يوسف جاء في الآية ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ فناسب ذكر المتصدقين لأن إخوة يوسف طلبوا التصدق فقط لم يطلبوا المبالغة في الصدقة وهذا من كريم خلقهم فطلبوا الشيء القليل اليسير هذا أمر والآمر الآخر أنه قال تعالى (والله يجزي المتصدقين) فلو قال (يجزي المصّدّقين) لكان الجزاء للمبالغ في الصدقة دون غير المبالغ وهذا غير مقصود في الآية أما عندما يقول ﴿يجزي المتصدقين﴾ فيدخل فيها المصّدّقين وهذا ينطبق أيضاً على آية سورة الأحزاب. نأتي لماذا قال تعالى ﴿المصّدّقين﴾ في آية سورة الحديد؟ لو لاحظنا سياق الآيات في سورة الحديد نجد أن الآيات فيها اشتملت على المضاعفة والأجر الكريم وهذا يتناسب مع المبالغة في التصدق ويتناسب مع الذي يبالغ في الصدقة. ثم إن سورة الحديد فيها خط تعبيري واضح في دفع الصدقة والحث على دفع الأموال في السورة كلها (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ {7}) (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {10}) (مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ {11}) (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ {18}) (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ {24}) فجو السورة إذن هو جو الإيمان وجو الإنفاق فناسب أن يستعمل معها كلمة ﴿المصّدّقين﴾ لا المتصدقين. * ما الحكمة من ذكر المسلمات والمؤمنات في الآية (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (35) الأحزاب) رغم أن المسلمين والمسلمين تشمل الجميع ؟(د.فاضل السامرائى) في أسباب نزول هذه الآية يُذكر أن أم سلمة رضي الله عنها قالت للرسول  ما لنا لا نُذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ قالت فلم يرعني منه  ذات يوم إلا نداؤه على المنبر بهذه الآية. هذا أمر كما في السائلين: في السؤال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ (219) البقرة) (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْر (215) البقرة) ورب العالمين سبحانه وتعالى يجيب وهذا السؤال أيضاً سألته أم سلمة فأجابها الله تعالى بقوله تعالى ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾. هذا أمر والأمر الآخر لو لاحظنا السياق ذكر قبل ذلك نساء النبي  (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ (31) الأحزاب) وذكر بعدها ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ بعض النساء قد يقول هذه خاصة بنساء النبي ونحن ماذا لنا إذا عملنا؟ ففي السياق بعدما ذكر نساء النبي ذكر المسلمين والمسلمات حتى لا يُظن أن هذا خاص بنساء النبي  حتى بعد ذلك يستمر (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (36) البقرة) (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ (37)) السياق في ذكر الإناث والنساء نساء النبي ونساء المؤمنين.

ﵟ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﵞ سورة الأحزاب - 35


Icon