الوقفات التدبرية

آية (3): (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) ) *ما دلالة كل التأكيدات في...

آية (3): (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) ) *ما دلالة كل التأكيدات في الآية (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) يس)؟ ذكرنا قوله تعالى (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) يس) ذكرنا القَسَم بالقرآن وأجاب القَسَم بقوله ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾، والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين. وذكرنا أن القرآن هو البرهان وهو موضوع الرسالة في آن واحد وليس كبقية الأنبياء تكون المعجزة هي دليل على صحة الرسالة إلقاء العصى حية ليست موضوع الرسالة وإنما موضوع الرسالة التوحيد والتعليمات التي أنزلت إليهم أما القرآن فهو البرهان وهو موضوع الرسالة في آن واحد. يبقى السؤال لماذا أكد ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾؟ أكّد بـ ﴿إنّ﴾ وباللام ﴿إنك لمن﴾ وأجاب القسم (والقرآن الحكيم إنك) وذلك لشدة إنكار القوم والتوكيد يكون على ما يحتاج إليه المخاطَب هل هو منكر أو غير منكر فقوة هذا الإنكار يؤكد فإن كان لا يحتاج إلى توكيد لا نؤكد وقد نحتاج إلى مؤكد واحد أو أكثر، ربنا تعالى قال (لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) يس) هذا أمر ثم قال (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)) هذا أمر، و(وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (9)) ذكر أن الإنذار وعدمه سواء عليهم (وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (10)) إذن الغفلة مستحكمة فاستدعى هذا الزيادة في التوكيد، هذه الأمور كلها تستدعي زيادة في التوكيد فناسب أن يقول ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ وأجاب القسم، إذن هو مناسب. *إذا كانوا هم يكذبون بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فلماذا لم يقل إنك رسول بدل إنك لمن المرسلين؟ فرق بين إنك رسول وإنك من المرسلين، قوله ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ يدل على أنه واحد من جماعة مشتركين في هذا الوصف، أنه واحد منهم واحد من الأنبياء، لو قال إنك رسول هذا إخبار بالصفة بغض النظر إذا كان أحد يشاركه أو لا يشاركه، ذكر صفته التي يكذبونها هم أنه رسول بينما قال ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ يعني أنت واحد من جماعة أرسلوا بهذا الأمر. يعني فرق أن تقول هو ناجح أو هو من الناجحين، هو ناجح يعني أنه نجح بغض النظر عما إذا كان هناك ناجح آخر غيره قد لا يكون هناك ناجح غيره بينما من الناجحين يدل على أن هناك من اشتركوا بهذا الوصف، هو ناجٍ تحتمل أن يكون هو الوحيد الناجي أما هو من الناجين قطعاً يكون هناك ناجون آخرون (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) هود) إبن نوح ليس هو المغرَق الوحيد. إذن ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ يدل على أنه هو واحد من جماعة وليس بدعاً من الرسل (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ (9) الأحقاف) أنا سائر في هذا الطريق كما سار غيري من الأنبياء أنا واحد منهم لست بدعاً.

ﵟ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﵞ سورة يس - 3


Icon