الوقفات التدبرية

آية (26)-(27): * أحياناً ربنا تبارك وتعالى يقول (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ...

آية (26)-(27): * أحياناً ربنا تبارك وتعالى يقول (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ (26) السجدة) وأحياناً يقول ﴿الم﴾ كيف نفهم هذا أولم وألم؟ هذه واو العطف، حرف العطف يأتي بعد الهمزة لا قبلها تقول أولم، أفلم، (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ (51) يونس) الواو والفاء، وثم تقع بعد الهمزة لكن السؤال بين يهد وير أما الواو والفاء تقع بعد الهمزة. * كيف نفهم ألم وأولم؟ ألم كلمتان و﴿أولم﴾ ثلاث كلمات. ﴿ألم﴾ همزة الاستفهام مع لم. الهمزة حرف استفهام ولم حرف جزم ونفي وقلب. * أولم أين الكلمة الثالثة؟ الواو. لأن حروف العطف الواو والفاء وثمّ تقع بعد الهمزة لا قبلها مثل حروف الاستفهام، تقول وهل كان؟ فهل كان؟ لا يمكن أن تقول هكذا مع الهمزة، لا بد أن تأتي بعد الهمزة أولم، أولا، أفلم، أفلا، أثم إذا. * إذن أحرف العطف تقع قبل أحرف الاستفهام ما عدا الهمزة. أحرف العطف تقع بعد الهمزة وليس قبلها كما هو معتاد نقول وهل، فهل، ثم هل؟ بينما مع الهمزة الحرف يأتي بعدها. مع الهمزة الحرف يتأخر، يصير أولم ، أفلم، أثم. * هذه دقة عجيبة. يبقى الفرق لِمَ قال ربنا هنا -ولا يُسأل عما يفعل سبحانه وتعالى- لكن نفهم اللفظ على علته في النظم القرآن ألم يروا، أولم يهد؟ لماذا؟ طبعاً هو من حيث الدلالة متقاربة بين ألم يروا وألم يهد، ألم يهد يعني ألم يتبين لهم وألم يروا يعني أولم يعلموا. ورأى أيضاً صارت يعلموا. ﴿أولم يهد لهم﴾ يعني ألم يتبين لهم ألم يتضح لهم. * اولم يهد لهم يعني أولم يتبين لهم أو يتضح لهم؟ ألم يهد لك يعني ألم يتبين لك هذا؟ هذا من حيث الدلالة عامة. يبقى سبب الاختيار، هو قال ﴿أولم يروا﴾ في مثل هذا التعبير ذكر موطنين وردت في سورة يس (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (31)) ووردت في الأنعام (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ (6)). ووردت (ألم يهد) في موطنين، في السجدة (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ (26)) وفي سورة طه (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ (128)) للعلم أن القرون معناها الأمم. * أليست القرون جمع قرن مائة سنة؟ لا، قرن يأتي بأكثر من معنى في اللغة. كان هناك سؤالاً (ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) المؤمنون) كيف قرناً آخرين. القرن قد يأتي بمعنى المدة وإن اختلفوا في تحديد هذه المدة. قسم قال ثمانون، قسم قال أربعون وقسم قال مائة.هذا أمر لكن هنا ليس المعنى ذلك وإنما معناه الجيل من الناس. يمشون في مساكنهم القرن من الناس هم أهل زمان واحد. القرن له أكثر من معنى منها قرن الثور، و(وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98) مريم) هنا بمعنى جماعة من الناس، (ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) المؤمنون) (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا (6) الأنعام). هذا القرن أحد المعاني (الزمان) لكن في القرآن أكثر ما تستعمل لأهل الزمان الواحد. أيضاً ورد هذا (ألم يهد لهم). لكن الملاحظ أن ربنا يستعمل فعل الرؤية ﴿ألم يروا كم أهلكنا﴾ في ذكر العقوبات الدنيوية، يذكر أمور العقوبات التي حدثت في الدنيا ويستخدم لها فعل الرؤية باعتبار أن هذه ممكن أن تُرى آثارها. ويستعمل (ألم يهد لهم) في أحوال الآخرة لأن الآخرة من باب التبصر الذهني والهداية ليست من باب الرؤية. لما يذكر لك عن الآخرة الآن تتبصرها بذهنك يعني ألصق بالهداية من الرؤية يعني نلاحظ هذه يس (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)) (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (31)) هذه في الدنيا، في الأنعام (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ (6)) بعدها (فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (6)) هذه دنيا. (وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (10) قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) هذه كلها عقوبات في الدنيا. لكن نلاحظ كيف قال ﴿أولم يهد لهم﴾. ألم يروا استعملها في عقوبات الدنيا. أولم يهد تأتي في سياق عقوبات الآخرة. * هذا خط عام؟ نعم. ﴿أولم يهد لهم﴾ جاءت أصلاً في آيتين. آية السجدة وآية طه. قال في السجدة (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)) إلى (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26)) هذا السياق في الآخرة وفي أحوال الآخرة. في آية طه قال (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى (128)) * المقارنة مقترنة أكثر بالآخرة! فيها تبصّر ذهني. أما أولم يروا آثارها موجودة تُرى. * إذا تأملنا الآية في سورة يس (كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ (31)) في القرآن الكريم في مواطن أخرى وردت ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم﴾ كما ورد في الأنعام (كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ (6)) والسجدة (كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ (26)) فما الفرق؟ وكيف نفهمه؟ ﴿من﴾ تفيد ابتداء الغاية حتى ذكرنا أكثر من مرة (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا (10) فصلت) ابتداء الغاية فيها التصاق بينما لو قال قبلهم هذا الزمن قد يكون قريباً وقد يكون بعيداً، من قبلهم ابتداء من الزمن الذي هو ألصق بهم وأقرب إليهم. ولو قال قبلهم تحتمل القريب والبعيد. * يعني في سورة يس (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ (31)) تحتمل أن يكون القوم قريبين منهم أو بعيدين؟ ولذلك قال ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ قديم يعني عموم القرون. بينما من قبلهم ابتداء منهم. لكن يبقى السؤال لماذا من قبلهم؟ نحن قلنا من قبلهم يعني ابتداء الغاية أقرب فربنا لما يأتي بـ﴿من﴾ يقول من قبلهم يكون فيها تهديد وتوعد أكبر، توعد وتهديد أكبر. * مثل ماذا؟ إهلاك القريب فيه تهديد أكبر من إهلاك البعيد في الزمن السحيق. يكون قريباً منك. * يكون قريباً منك وشوهد وهو أردع ! أدل على العبرة من الأزمان السحيقة. لاحظ لما يكون تهديد كبير يأتي بـ ﴿من﴾ التي هي أقرب ولما يكون أقل يحذفها. قال في يس ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ (26) السجدة) المفروض الآن التهديد أشد (يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26) السجدة) هم معاصرون لهم معايشون لهم قريبون منهم قال يمشون في مساكنهم. * في مساكنهم هي للذين يروا أو الذين عُذبوا؟ للذين عُذِّبوا. لا شك أنك لما يدخل في دار المعذبين أمور في نفسه أدعى للموعظة وقال إن في ذلك لآيات ما قالها في يس ثم قال ﴿أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ وبعدها قال ﴿أَفَلَا يُبْصِرُونَ﴾ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27) السجدة) هذا فيه تهديد وتحذير شديد. فرق بينها وبين من قبلهم، يمشون في مساكنهم، إن في ذلك لآيات. * إذن القصة خاصة بمسألة قرب الزمن أو بعده عن الذين يتحدث عنهم الله سبحانه وتعالى؟ نعم والتحذير فيها أشد . ولذلك يقول ﴿من قبلهم﴾ فيما هو أشد فيقرّعهم ﴿أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ ﴿أَفَلَا يُبْصِرُونَ﴾. * لكن قال ربنا هنا ﴿كم أهلكنا قبلهم من القرون﴾ قدّم ﴿قبلهم﴾ ؟ قبلها أصلاً إضافة للتهديد قبل الاية قال (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) السجدة) لاحظ كيف يكون التهديد بأن لهم عذاباً آخر، فلاحظ كيف يستعمل قبلهم ومن قبلهم. فرق كبير. حتى لو لاحظت في ق وص. في ص قال (كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)) وفي ق قال (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)). في ص قال من قبلهم وفي ق قال قبلهم، لو لاحظنا السياق ستجد أن السياق أشد. في ق لم يقل بعدها إلا (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)) أما في ص فذكر ثلاث أربع آيات يهددهم فيها (وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)). وقال (وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاء إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ (15) ص) لاحظ التهديد بينما في ق لم يذكر هذا الشيء. * حتى هم قالوا (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16)) ! لاحظ التهديد أقوى بكثير. فرق كبير بين قبلهم ومن قبلهم.

ﵟ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ ۖ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ﵞ سورة السجدة - 26


Icon