الوقفات التدبرية

آية (24): (إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)) فكرة عامة عن...

آية (24): (إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)) فكرة عامة عن الآية: إذا اتخذ من دون الله آلهة مع كل ما ذكر وبيّن من الدلائل والحجج إذن هو في ضلال ظاهر. لو اتخذت إلهاً مع كل ما ذكر أنه الخالق وأنه الفاطر وأنه الرحيم وأنه المعيد وأنه المبدئ وأنه القوي المقتدر وغيره ليس له جاه، لو اتخذ إلهاً غيره؟ يكون في ضلال مبين. هو لا يعني فقط نفسه في الحقيقة وإن قال (إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)) إنما يعني المخاطبين أيضاً. صحيح هو يتحدث عن نفسه لكنه ليس هو المعني وحده لأنه لم يفطره وحده وإنما فطر الخلق ولا يعيده وحده، كل الأشياء وإن أجراها على نفسه لكن المخاطبين بها هم أجمعين ليس وحده. لكن لما قال ﴿إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ هذا ليس إقراراً عن نفسه فقط لكن هم معنيين أيضاً في هذه المسألة، يعني أنتم إذا اتخذتم إلهاً غيره فأنتم في ضلال مبين ظاهر. هو ما أراد أن يقول هذا حتى لا يستفزّهم أجرى القول على نفسه حتى لا يُثير عصبيتهم واستفزازهم وإنما يدعوهم للتفكير والتأمل. حتى أنه أكّد بـ(إنّ واللام) ﴿إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ ضلال مبين ظاهر لا يخفى على أحد لا يحتاج أصلاً إلى تفكير وتأمل. مع كل هذه الأمور إذا اتخذ إلهاً فهو إذن قطعاً في ضلال مبين، هو أكّده لأن المخاطبين ينكرون هذا الأمر هم اتخذوا آلهة مع الله إذن هم يحتاجون إلى التوكيد إنهم في ضلال. ﴿في ضلال﴾ استخدام ﴿في﴾ يعني هو ساقط في الضلال . القرآن في الهدى يستعمل ﴿على﴾ (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) سبأ) ويستعمل ﴿في﴾ (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا (63) المؤمنون) الغمرة والريب واللجة يستعمل معها ﴿في﴾ ساقط فيها، في الغمرة ﴿بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا﴾ (لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) المؤمنون) ساقطين لا يستطيعون أن يتبينوا الأمر لأن الساقط في اللجة أو في الغمرة ليس متمكناً. * أليس ممكناً أن يقول "في الهدى"؟ لا، مستعلي يتبين وينظر هكذا وهكذا، متمكن من الأمر وينظر، متمكن من نفسه مستعلي والهدى هو علوٌ وارتفاع والضلال هو سقوط.

ﵟ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﵞ سورة يس - 24


Icon