الوقفات التدبرية

*قال تعالى (لتكونن من المرجومين (116) الشعراء) وقال في سورة مريم (لئن...

*قال تعالى (لتكونن من المرجومين (116) الشعراء) وقال في سورة مريم (لئن لم تنته لأرجمنك (46)) وفى يس ﴿لئن لم تنتهوا لنرجمنكم﴾ فلم لم يجعل التعبيرات على نمط واحد؟ (د.فاضل السامرائى) الجواب أنه لا يصح جعلها على نمط واحد لأن المعنى مختلف والمقام مختلف ذلك أن قولك ﴿لأرجمنك﴾ يعني لأوقعن عليك الرجم ولا يعني أن هناك مرجومين معه أو نالهم الرجم. وقولك (هو من المرجومين) يعني أنه واحد ممن نالهم الرجم. فلا يصح في سورة يس أن يقال (لئن لم تنتهوا لتكونن من المرجومين) لأنه ليس هناك أشخاص آخرون غير هؤلاء نالهم الرجم فيكونون منهم. وكذلك في آية مريم فإنه قال ﴿لئن لم تنته لأرجمنك﴾ ولم يقل ﴿لتكونن من المرجومين﴾ لأنه ليس هناك آخرون معه نالهم الرجم أو سينالهم فإن هذا الكلام موجه من أبي إبراهيم لولده إبراهيم عليه السلام وحده. أما في سورة الشعراء فإنه تهديد لنوح ولمن معه ﴿قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين﴾ أي لئن لم تنته لتكونن من الذين ينالهم الرجم. ولو قال ﴿لنرجمنك﴾ لكان الرجم مختصاً بنوح دون من آمن معه. فإن قيل ولم لم يقل ﴿لئن لم تنتهوا لنرجمنكم﴾ كما قال في سورة يس؟ والجواب أن الرسل في سورة يس ثلاثة كلهم بمنزلة واحدة داعون إلى الله مبلغون لرسالته ولذلك جاء الكلام على أنفسهم بصيغة الجمع (قالوا إنا إليكم مرسلون، قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون، وما علينا إلا البلاغ المبين) وكان التطير بهم جميعاً ﴿قالوا إنا تطيرنا بكم﴾ فكان الخطاب لهم جميعاً. وأما نوح فهو رسول واحد يبلغ عن ربه أما البقية فهم أتباع وهو صاحب الدعوة والمبلغ فخوطب وطلب منه الكف فقالوا ﴿لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين﴾ أي لنرجمنك ومن معك فهذا تهديد له ولأتباعه. وهذا القول نظير ما قاله قوم لوط للوط (لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين (167) الشعراء) أي لنخرجنك ومن معك بدليل قوله تعالى على لسان قومه (أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (82) الأعراف) وقوله (اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (56) النمل) فلما واجهوا لوطاً قالوا له ﴿لتكونن من المخرجين﴾ أي لتكونن واحداً منهم وهو تهديد له ولأتباعه أيضاً. فكان كل تعبير هو المناسب في مكانه.

ﵟ قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﵞ سورة الشعراء - 116


Icon