الوقفات التدبرية

* في قوله تبارك وتعالى (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ...

* في قوله تبارك وتعالى (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (90) الأنعام) وفي آية أخرى (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ (18) الزمر) ما الفرق بينهما وما اللمسة البيانية بين آية الزمر والأنعام ﴿هدى الله﴾ و﴿هداهم الله﴾؟ (د.فاضل السامرائى) الموضعان صلة موصول ﴿أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ﴾ ﴿هدى الله﴾ جملة صلة، صلة الموصول و﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ﴾ ﴿هداهم الله﴾ صلة الموصول وقطعاً هناك عائد لأن الموصول لا بد أن يكون له عائد، يعني قطعاً في آية الأنعام التقدير هداهم الله، لا بد من وجود عائد (ضمير) يعود على الإسم الموصول ﴿الذين﴾. إذن من حيث التقدير قطعاً ﴿أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ﴾ يعني هداهم الله تقديراً. خارج القرآن يمكن الذكر ويمكن الحذف. إذن لِمَ حذف هنا؟ إذا كان الموضع هو واحد وهذا هو في التقدير قطعاً حاصل فلماذا الذكر والحذف؟ لو لاحظنا آية الأنعام فيها شرائع مختلفة وأنبياء ورسل وشرائع منسوخة فذكر جملة من الرسل، ذكر إبراهيم ونوح وإسحق ويعقوب وسليمان وداوود، ذكر جملة من الرسل (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) الأنعام) ذكر مجموعة من الرسل هذا أمر. هذا (فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ (18) الزمر) يعني الكلام على الرسول (فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (18) الزمر). إذن تلك في شرائع مختلفة منسوخة وأنبياء منهم من ذكر ومنهم من لم يقصصه لم يذكر هود ولا شعيب ولا صالح في هذا السياق، إذن أخرج الحذف مخرج العموم لأن الذِكر تخصيص، فلان يُكرِم ويعطي يعني يُكرم زيداً ويعطي الدنانير. الذِكر موطن تخصيص والحذف عام (وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (216) البقرة)، لو ذكر الغيب حدد الغيب ، فهنا حذف أخرجه مخرج العموم لأنه ليس نبياً واحداً ولا رسول، مجموعة من الرسل والشرائع منسوخة، بينما هذا واحد ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ هذه للمؤمنين وتلك أقوام وشرائع أيُّها الأعم؟ الأنبياء من قصّ ومن لم يقصص. ﴿هدى الله﴾ هدايات كثيرة، هذه واحدة فخصص في القرآن الكريم أحياناً يحذف كأن ما فيه للإطلاق هذا يحذف مع أنه تقدير (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً (48) البقرة) معناها لا تجزي فيه قطعاً لأن هذا صفة، لا بد أن يكون ﴿فيه﴾.

ﵟ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﵞ سورة الزمر - 18


Icon