الوقفات التدبرية

* (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (57)يس) في هذه...

* (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (57)يس) في هذه الآية لم يكرر ﴿فيها﴾ لكن في سورة فصلت قال تعالى (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)) هنا كرر ﴿فيها﴾ فما دلالة تكرار فيها في آية فصلت وعدم التكرار في آية يس؟ نحن تعلمنا أن السياق هو الذي يحدد. آية يس التي لم يكرر ﴿فيها﴾ هي في أصحاب الجنة ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾ يتكلم عن أصحاب الجنة، بينما في فصّلت هذه ليست في أصحاب الجنة وإنما عند النزع (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30)) لم يدخلوا الجنة بعد، لا يزالون في مرحلة النزع (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)). أولاً فرق في المقام والسياق، في يس فيمن كان الجنة وفي فصلت فيمن في الدنيا عند النزع. ثم قال ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ أي إن الأمرين في الجنة. * ولو قال "ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم ما تدعون"؟ لم يدخلوا الجنة، قد يكون الآن، قد يكون بعد النزع. بينما أولئك في الجنة لهم فيها فاكهة ولهم ما يدّعون في الجنة.لا يحتاج إلى أن يكرر لأنهم موجودون بالفعل في الجنة، بينما هناك لا، قد يكون قبل الجنة. * هنا قال ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ﴾ حدد الشيء الذي لهم في الجنة وفي فصلت قال ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ﴾ بدون تحديد فلماذا التقييد في يس والإطلاق في فصلت؟ أيّ الأعلى؟ ما تشتهي الأنفس. من هؤلاء الذين قال فيهم ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ﴾؟ هم ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ هذا صنف من أصحاب الجنة وصنف عالي وأصحاب الجنة ليسوا كلهم من هذا الصنف، قد يكونوا دخلوا لأن ربنا تفضل عليهم فأدخلهم الجنة، ربما لم يفعلوا خيراً إلا بعض المعتقد، ربما أنعم عليهم بدخولهم الجنة، ليسوا كلهم من هذه الشاكلة، هذه درجة عالية. ربنا تعالى يقول للرسول (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ (112) هود) وهنا قال ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ في الأوامر وفي النواهي عما نهى الله عنه هذا معنى استقاموا. إذن هم أعلى من قسم من أصحاب الجنة، قسم منهم ربنا تفضّل عليهم بدخول الجنة، يمكن أنهم لم يعملوا كثير أعمال فتفضل عليهم بدخول الجنة. فلما كان هؤلاء أفضل من قسم غير قليل من أصحاب الجنة سيكون الأجر أعلى قال ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾، هناك قال ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ﴾ أما هنا ما تشتهيه النفس سواء طلبوه بألسنتهم أو لم يطلبوه بمجرد أن يمر في خاطرهم شيء يأتيهم وإن لم يذكروه وإن لم يطلبوه. * هم يتساويان فيما يدّعون؟ لا، في الموطنين ذكر ﴿ما يدّعون﴾. ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ أصحاب فصّلت ذكر ما تشتهي أنفسهم في مقابل ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ﴾ تحديداً. ﴿ما تدعون﴾ في الحالتين موجودة، ما تدعون يعني ما تطلبون. في فصلت ليس فقط ما يطلبون وإانما ما تشتهي أنفسهم وإن لم يطلبوه. لأن الإنسان أحياناً يشتهي شيئاً ولا يطلبه. معنى تدّعون: تطلبون. إدّعي عليّ ما شئت يعني أُطلب. * ألا يتساويان؟ أصحاب يس لهم ما يدّعون وأصحاب فصلت لهم ما يدّعون؟ لهم ما تشتهي أنفسهم وما يدّعون، بدون طلب بمجرد أن تشتهي أنفسهم شيئاً يأتيهم * إذن الدرجة في الجنة بحسب العمل لكلٍ منزلته؟ طبعاً، تتقاسمونها بأعمالكم. تدخلونها برحمة الله وتتقاسمونها بأعمالكم. الدخول برحمة الله والتقاسم بالعمل.

ﵟ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﵞ سورة فصلت - 31


Icon