الوقفات التدبرية

* (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ...

* (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54) يس) قدّم ربنا سبحانه وتعالى نفي الظلم على الجزاء وفي مواطن أخرى عكس الترتيب فقال (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) غافر) فلماذا؟ وكيف نفهم اللمسة البيانية الموجودة في كل منهما؟ التقديم والتأخير طبعاً بحسب السياق. جو سورة يس هي في العلاقات علاقات أفراد المجتمع وظلم بعضهم لبعض، معاملات، ذكر قبل هذه الآية ظلم أصحاب القرية للمرسلين (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14)) وظلمهم بقتل الرجل الصالح الذي جاء من أقصى المدينة قتلوه، هذا ظلم. وذكر ظلم الموسرين للفقراء (أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ (47)) وذكر أن الصيحة تأخذهم وهم يخصّمون إذن الجو في العلاقات وظلم بعضهم لبعض فإذن قدّم الظلم مناسبة لمسرح الحالة التي تعبر عنها السورة. بينما الآية الثانية في سورة غافر ليس السياق ولا السورة أصلاً في العلاقات بين أفراد المجتمع وإنما هي في العقيدة، ليست في العلاقات بين الأفراد وظلم بعضهم لبعض، والسورة لم يرد فيها ظلم بعض الناس لبعض إلا في آية واحدة (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ (5) غافر) وذكر الهمّ لم يذكر الأخذ. والهمّ يعني لم يفعلها وأنت لا تجازي على الهمّ، أنت تعاقب على ما حصل وليس على ما في نفس الشخص، همّ ولم يفعل فقدّم الجزاء. في آية يس قدم الظلم لأن السياق فيه مظالم (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54) يس) فالفرق في السياق مختلف والمقام مختلف.

ﵟ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﵞ سورة غافر - 17


Icon